سوالف

من متطلبات العمل الدبلوماسي... “إتقان اللغات”

| أسامة الماجد

في‭ ‬ظل‭ ‬حملات‭ ‬العداء‭ ‬المسعورة‭ ‬والشعواء‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬يبرز‭ ‬لنا‭ ‬سؤال‭ ‬عميق‭ ‬لا‭ ‬يرجع‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬تصاعد‭ ‬المخاطر‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬لفهم‭ ‬طبيعة‭ ‬العقلية‭ ‬وماذا‭ ‬أعددنا‭ ‬للمستقبل،‭ ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشكل‭ ‬أو‭ ‬السؤال‭ ‬لا‭ ‬يخص‭ ‬بلدا‭ ‬دون‭ ‬آخر،‭ ‬إنما‭ ‬يهمنا‭ ‬جميعا،‭ ‬والسؤال‭ ‬يقول‭.. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يتطلبه‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬سفارة‭ ‬أو‭ ‬قنصلية،‭ ‬وبمعنى‭ ‬أدق،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬نريده‭ ‬من‭ ‬بعثاتنا‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭ ‬كعرب،‭ ‬وهل‭ ‬استطعنا‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجوانب‭. ‬السفراء‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬يتحدثون‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بطلاقة‭ ‬وبعضهم‭ ‬يحاول‭ ‬فك‭ ‬رموز‭ ‬وطلاسم‭ ‬قواعد‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬ويعرفون‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬فهل‭ ‬نحن‭ ‬نقوم‭ ‬بالمثل‭.. ‬هل‭ ‬نتعلم‭ ‬لغة‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬دبلوماسيونا‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬صحفه‭ ‬ومشاهدة‭ ‬برامجه‭ ‬التلفزيونية‭ ‬وفهمها،‭ ‬أم‭ ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬المترجمين‭ ‬الذين‭ ‬يكلفون‭ ‬أموالا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصرف‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬أنفع‭ ‬وأجدى‭.‬

معظم‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬سفاراتنا‭ ‬وقنصلياتنا‭ ‬يتكلمون‭ ‬لغة‭ ‬غير‭ ‬اللغة‭ ‬الشائعة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬وهذه‭ ‬مسألة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬سريع،‭ ‬فليس‭ ‬أدعى‭ ‬إلى‭ ‬الإحساس‭ ‬بالغربة‭ ‬من‭ ‬الإقامة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬صحفه‭ ‬ويستمع‭ ‬برامجه‭ ‬التلفزيونية‭ ‬السياسية‭ ‬والتوجيهية‭. ‬إن‭ ‬الإنسان‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬عزف‭ ‬عن‭ ‬البلد‭ ‬تدريجيا‭ ‬وعاش‭ ‬فيه‭ ‬منعزلا‭ ‬قانعا‭ ‬ببعض‭ ‬أشغاله‭ ‬وبما‭ ‬يهيئه‭ ‬لنفسه‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬ترفيهية‭ ‬واجتماعية‭ ‬تظل‭ ‬وقفا‭ ‬على‭ ‬أبناء‭ ‬جاليته‭. ‬إن‭ ‬العيش‭ ‬بدون‭ ‬صحف‭ ‬وتلفزيون‭ ‬وإذاعة‭ ‬أشبه‭ ‬بالعيش‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬قاحلة،‭ ‬والانزواء‭ ‬يبقي‭ ‬الإنسان‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬عادات‭ ‬أبناء‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬وأسلوب‭ ‬مناقشتهم‭ ‬ومعالجتهم‭ ‬الأمور‭ ‬وردود‭ ‬فعلهم‭.‬

من‭ ‬متطلبات‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬الثقافة‭ ‬العامة‭ ‬الواسعة‭ ‬وإتقان‭ ‬اللغات‭ ‬وسرعة‭ ‬الفهم‭ ‬ومعرفة‭ ‬مختلف‭ ‬قضايا‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬ومعايشتها‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭ ‬والتحدث‭ ‬إلى‭ ‬الصحافة‭ ‬“بلغتهم”‭ ‬وتكوين‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع‭ ‬والقيام‭ ‬بزيارات‭ ‬إلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬فيها‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير،‭ ‬فأنا‭ ‬شخصيا‭ ‬“أنبهر”‭ ‬عندما‭ ‬أشاهد‭ ‬بعض‭ ‬سفراء‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬المعتمدين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬يحضرون‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬ومناسبات‭ ‬الأفراح‭ ‬والعزاء‭ ‬ويتحدثون‭ ‬بلهجتنا‭.‬