قمة الحزم والعـزم (2)

| عبدعلي الغسرة

إن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أهداف‭ ‬قمة‭ ‬مكة‭ ‬توحيد‭ ‬الرؤى‭ ‬والصف‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬إزاء‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬توترات‭ ‬بسبب‭ ‬تصاعد‭ ‬الأحداث‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران،‭ ‬ودعوة‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬لهذه‭ ‬القمة‭ ‬وتلبيتها‭ ‬تؤكد‭ ‬ما‭ ‬للسعودية‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬وما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬خليجية‭ ‬وعربية‭ ‬وإسلامية‭ ‬ودولية‭. ‬وقد‭ ‬استهدف‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬منذُ‭ ‬1979م‭ ‬أقطار‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ميليشياته،‭ ‬وكان‭ ‬آخرها‭ ‬الميليشيات‭ ‬الحوثية‭ ‬واستخدام‭ ‬أراضي‭ ‬اليمن‭ ‬كمنصة‭ ‬لتصويب‭ ‬الأسلحة‭ ‬الباليستية‭ ‬الإيرانية‭ ‬نحو‭ ‬الأراضي‭ ‬السعودية‭ ‬للانتقام‭ ‬منها‭ ‬لموقف‭ ‬القيادة‭ ‬السعودية‭ ‬وشعبها‭ ‬الكريم‭ ‬لاستعادة‭ ‬شرعية‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬المغتصبين‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الانتقام‭ ‬الإيراني‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬بل‭ ‬يرجع‭ ‬تاريخيًا‭ ‬إلى‭ ‬هزيمة‭ ‬الفرس‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬القادسية‭ ‬التي‭ ‬حررت‭ ‬أبناءها‭ ‬من‭ ‬عبودية‭ ‬النار‭ ‬والفرد،‭ ‬وإلى‭ ‬موقف‭ ‬الأقطار‭ ‬الخليجية‭ ‬من‭ ‬عدوانها‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬الثمانينات‭.‬

لم‭ ‬يستمع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬صوت‭ ‬الحق‭ ‬والحكمة‭ ‬والعقل،‭ ‬واستغل‭ ‬كل‭ ‬إمكانياته‭ ‬المادية‭ ‬والمعنوية‭ ‬والدينية‭ ‬لترسيخ‭ ‬الفوضى‭ ‬وكان‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬فتنة‭ ‬ونزاع‭ ‬وصراع،‭ ‬وبسببه‭ ‬تنامى‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬الطائفية‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬العروبة‭ ‬وضد‭ ‬الجاليات‭ ‬غير‭ ‬العربية،‭ ‬وقمة‭ ‬مكة‭ ‬وضعت‭ ‬النقاط‭ ‬فوق‭ ‬الحروف‭ ‬حول‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تداعت‭ ‬بسبب‭ ‬تدخلات‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬بوضع‭ ‬الحلول‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬والتحديات،‭ ‬وبدء‭ ‬التعاون‭ ‬الجاد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬معا‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬جميع‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيها،‭ ‬ومنع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وقيادتها‭ ‬تحمل‭ ‬لواء‭ ‬أمن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وتعمل‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬تجنيب‭ ‬المنطقة‭ ‬القلاقل‭ ‬والفتن‭ ‬التي‭ ‬وضع‭ ‬بذورها‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬وتمنع‭ ‬أي‭ ‬تعطيل‭ ‬لحركة‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭ ‬والخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وهي‭ ‬داعمة‭ ‬دائمًا‭ ‬وأبدًا‭ ‬لهذه‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬بدون‭ ‬استثناء،‭ ‬فما‭ ‬قدمته‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وقيادتها‭ ‬لهذه‭ ‬البلدان‭ ‬يعكس‭ ‬حرصها‭ ‬الشديد‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬دورها‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا،‭ ‬وهذا‭ ‬العطاء‭ ‬السعودي‭ ‬الكبير‭ ‬يختلف‭ ‬كثيرًا‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يُقدمه‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬لهذه‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬الذخائر‭ ‬القاتلة‭ ‬والفتن‭ ‬الهالكة‭.‬

إن‭ ‬توصيات‭ ‬قمة‭ ‬مكة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬وضد‭ ‬العدوان‭ ‬الإيراني‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬أراضينا،‭ ‬وكلمة‭ ‬حق‭ ‬ضد‭ ‬الباطل،‭ ‬وسياج‭ ‬يحمي‭ ‬أراضينا‭ ‬ومُقدساتنا‭ ‬وشعبنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكروه‭ ‬إيراني‭... ‬توصيات‭ ‬تحمي‭ ‬أمة‭ ‬الرسالة‭ ‬الخالدة‭ ‬التي‭ ‬جعلها‭ ‬الله‭ ‬أفضل‭ ‬بقاع‭ ‬الدُنيا‭ ‬وارتضاها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬موضعا‭ ‬لأديانه‭ ‬وموقعًا‭ ‬لمقدساته‭ ‬وأرضًا‭ ‬لأنبيائه،‭ ‬إنها‭ ‬أرض‭ ‬الحق‭ ‬والفضيلة‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬واجب‭ ‬مُقدس‭.‬