ياسمينيات

لستم آباءً

| ياسمين خلف

كم‭ ‬ندمت‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬سيارة‭ ‬صادفتها‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬السريع‭ ‬“الهايوي”،‭ ‬لعدم‭ ‬تمكني‭ ‬من‭ ‬التقاط‭ ‬هاتفي‭ ‬لتصويرها‭ ‬أو‭ ‬تسجيل‭ ‬رقمها،‭ ‬فالسيارة‭ ‬مسرعة‭ ‬نوعاً‭ ‬ما،‭ ‬وتتنقل‭ ‬من‭ ‬حارة‭ ‬لأخرى،‭ ‬ولم‭ ‬أشأ‭ ‬أن‭ ‬أتسبب‭ ‬أنا‭ ‬الأخرى‭ ‬بحادث‭ ‬جراء‭ ‬ذلك‭. ‬أحدهم‭ ‬ورغم‭ ‬وجود‭ ‬من‭ ‬يرافقه‭ ‬في‭ ‬السيارة،‭ ‬كان‭ ‬يقود‭ ‬سيارته‭ ‬بيد،‭ ‬وبيده‭ ‬الأخرى‭ ‬كان‭ ‬يمسك‭ ‬طفله‭ ‬الذي‭ ‬تدلى‭ ‬نصفه‭ ‬خارج‭ ‬النافذة‭ ‬الأمامية،‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬كأكثر‭ ‬تقدير،‭ ‬كان‭ ‬سعيداً‭ ‬ويضحك‭ ‬ملء‭ ‬فمه،‭ ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬أي‭ ‬جُرم‭ ‬قد‭ ‬ارتكبه‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬لقمة‭ ‬سائغة‭ ‬للموت‭!‬

تصرفات‭ ‬متهورة‭ ‬من‭ ‬آباء‭ ‬على‭ ‬الطرق،‭ ‬تجعلك‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬الممزوج‭ ‬بالألم‭ ‬على‭ ‬حال‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يولدون‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يبالي‭ ‬بسلامتهم،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬بحياتهم‭! ‬تلك‭ ‬تعرض‭ ‬طفلتها‭ ‬للموت‭ ‬أو‭ ‬تجعلها‭ ‬عرضة‭ ‬لحوادث‭ ‬قد‭ ‬تتركها‭ ‬باقي‭ ‬حياتها‭ ‬مشلولة‭ ‬مقعدة،‭ ‬بحجة‭ ‬أنها‭ ‬حققت‭ ‬أمنية‭ ‬طفلتها‭ ‬بالتدلي‭ ‬خارج‭ ‬السيارة‭ ‬والقيام‭ ‬بهذه‭ ‬الحركة‭ ‬البهلوانية،‭ ‬لتتحول‭ ‬الأم‭ ‬بتصرفها‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬طفلة‭ ‬لا‭ ‬ابنتها‭! ‬وذاك‭ ‬يضحك‭ ‬ويتبادل‭ ‬الحديث‭ ‬مع‭ ‬صاحبه‭ ‬ممسكاً‭ ‬طفله‭ ‬المتدلي‭ ‬من‭ ‬النافذة‭ ‬الأمامية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬حسباناً‭ ‬للمواقف‭ ‬المفاجئة‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬سرعة‭ ‬في‭ ‬التحكم،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬المؤلمة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصادفك‭ ‬يومياً‭ ‬على‭ ‬الطرق‭ ‬وفي‭ ‬الشوارع،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬مبرر‭ ‬لها‭ ‬سوى‭ ‬أنها‭ ‬تصرفات‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬استهتار‭ ‬ورعونة،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬لهم‭ ‬عذر‭ ‬فهو‭ ‬حتماً‭ ‬أقبح‭ ‬من‭ ‬ذنبهم‭. ‬

فكما‭ ‬قامت‭ ‬الأسرة‭ ‬الأجنبية‭ ‬بتصوير‭ ‬مشهد‭ ‬الطفلة‭ ‬المتدلية‭ ‬خارج‭ ‬السيارة،‭ ‬وتم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬والدتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬للأسف‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬سمحت‭ ‬لها‭ ‬بذلك،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬المجتمعي‭ ‬والتبليغ‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬سيارة‭ ‬تسمح‭ ‬للأطفال‭ ‬بالجلوس‭ ‬في‭ ‬حجر‭ ‬السائق،‭ ‬أو‭ ‬تصدر‭ ‬منهم‭ ‬أية‭ ‬مشاهد‭ ‬وتصرفات‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬استهتار‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬أطفالهم،‭ ‬وعلى‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬أن‭ ‬ترصد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كاميراتها‭ ‬هذه‭ ‬التجاوزات‭ ‬والمخالفات،‭ ‬وتوقع‭ ‬بالأهالي‭ ‬وخصوصاً‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬الأبوين‭ ‬برفقة‭ ‬الطفل،‭ ‬غرامات‭ ‬مالية‭ ‬مرتفعة،‭ ‬مع‭ ‬الحبس‭ ‬ليتوقف‭ ‬هذا‭ ‬الاستهتار،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬استرخاص‭ ‬بأرواح‭ ‬الأطفال،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬قوة،‭ ‬ولا‭ ‬يرون‭ ‬من‭ ‬السيارة‭ ‬والطرقات‭ ‬سوى‭ ‬ملهى‭ ‬يعج‭ ‬بالألعاب‭.‬

ياسمينة‭:

‬لستم‭ ‬آباء‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكونوا‭ ‬مسؤولين‭ ‬عن‭ ‬سلامة‭ ‬أطفالكم‭.‬