هذا شهر محوري في مستقبل الموازين الجغرافية السياسية (1)

| راغدة درغام

جميع‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬تستعد‭ ‬لقمة‭ ‬أوساكا‭ ‬التي‭ ‬ستعقد‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري‭ ‬وفي‭ ‬ذهنها‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأميركية‭ ‬نحو‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا،‭ ‬والتطورات‭ ‬في‭ ‬فنزويلا،‭ ‬والعلاقة‭ ‬الأميركية‭ ‬–‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬تلك‭ ‬الإجراءات‭ ‬والتطورات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مصير‭ ‬المفاوضات‭ ‬الأميركية‭ ‬–‭ ‬الصينية‭. ‬المصادر‭ ‬المطلعة‭ ‬على‭ ‬تفكير‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬أفادت‭ ‬أن‭ ‬إنذاراً‭ ‬سيتم‭ ‬توجيهه‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬بأن‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬صفقة‭ ‬الصواريخ‭ ‬الروسية‭ ‬المضادة‭ ‬للطائرات‭ ‬S-400‭ ‬ويقبل‭ ‬عرض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بصواريخ‭ ‬“الباتريوت”‭ ‬بأسعار‭ ‬مخفضة،‭ ‬وإلا‭ ‬فإنه‭ ‬مُعرّضٌ‭ ‬للاستغناء‭ ‬عنه،‭ ‬هذا‭ ‬الإنذار‭ ‬النهائي‭ ‬المتوقّع‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع،‭ ‬حوالي‭ ‬8‭ (‬يونيو‭) ‬سيقوّي‭ ‬يد‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬التركية‭ ‬التي‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬انتماء‭ ‬تركيا‭ ‬لحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬ناتو‭) ‬بأنه‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬بقاء‭ ‬رئيس‭ ‬في‭ ‬السلطة‭... ‬القرار‭ ‬الأميركي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬للسماح‭ ‬لدولة‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬الناتو‭ ‬أن‭ ‬تسهّل‭ ‬اختراق‭ ‬روسيا‭ ‬المنظومة‭ ‬الدفاعية‭ ‬الغربية،‭ ‬وأن‭ ‬على‭ ‬أردوغان‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬عناده‭ ‬على‭ ‬صفقة‭ ‬S-400‭ ‬وبين‭ ‬مصيره‭ ‬لأن‭ ‬مصير‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬أهم‭ ‬منه‭. ‬

روسيا‭ ‬قلقة‭ ‬مع‭ ‬أنها‭ ‬بالأمس‭ ‬كانت‭ ‬واثقة‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬أردوغان‭ ‬على‭ ‬تحدي‭ ‬واشنطن‭ ‬ومن‭ ‬فائدة‭ ‬اختراقها‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭. ‬الكرملين‭ ‬قلق‭ ‬لأن‭ ‬استهداف‭ ‬أردوغان‭ ‬وإجبار‭ ‬تركيا‭ ‬على‭ ‬التراجع‭ ‬سيشكل‭ ‬انتكاسة‭ ‬كبرى‭ ‬لمشروع‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬تعاون‭ ‬ثلاثي‭ (‬روسيا‭ ‬–‭ ‬تركيا‭ ‬–‭ ‬إيران‭). ‬انتكاسة‭ ‬تهدّد‭ ‬بتورط‭ ‬روسيا‭ ‬جدّياً‭ ‬في‭ ‬مستنقع‭ ‬سوريا‭ ‬نتيجة‭ ‬إجراءات‭ ‬أميركية‭ ‬ضد‭ ‬تركيا‭ ‬وإيران،‭ ‬لأسباب‭ ‬مختلفة،‭ ‬إنما‭ ‬بنتيجة‭ ‬إضعاف‭ ‬مشاريع‭ ‬ثلاثية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فمع‭ ‬تطويق‭ ‬إيران‭ ‬إضعافٌ‭ ‬لنظام‭ ‬الحكم‭ ‬الثيوقراطي‭ ‬الديني،‭ ‬ومع‭ ‬تطويق‭ ‬أردوغان‭ ‬إفشال‭ ‬لمشروع‭ ‬“الإخوان‭ ‬المسلمين”‭ ‬لفرض‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬الدولة‭. ‬إنما‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬ستكون‭ ‬تطوّرات‭ ‬الأسابيع‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا،‭ ‬كما‭ ‬تقوم‭ ‬واشنطن‭ ‬بإعدادها،‭ ‬في‭ ‬المصلحة‭ ‬القومية‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬الموازين‭ ‬الجغرافية‭ ‬–‭ ‬السياسية‭ ‬وستعيد‭ ‬رسم‭ ‬هذه‭ ‬الموازين‭ ‬جذرياً‭.‬

روسيا‭ ‬تراقب‭ ‬بحذر‭ ‬وخشية‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬وتموضعها،‭ ‬سيما‭ ‬أنها‭ ‬استثمرت‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬والكرملين‭ ‬يخشى‭ ‬نجاح‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬الجناحين‭ ‬الإيراني‭ ‬والتركي‭ ‬من‭ ‬الثلاثي‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬فتبقى‭ ‬روسيا‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬المستنقع‭ ‬–‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬الكرملين‭ ‬والبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬على‭ ‬تفاهمات‭ ‬جيو‭-‬بوليتكال،‭ ‬جغرافية‭ ‬–‭ ‬سياسية،‭ ‬تنقذ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭. ‬فالرأي‭ ‬العام‭ ‬الروسي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يدعم‭ ‬بقاء‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬والرئيس‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبي‭ ‬لمغامراته‭ ‬السورية‭. ‬“إيلاف”‭.‬