ريشة في الهواء

أسعد غيرك تسعد نفسك

| أحمد جمعة

دهشت‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬غربية،‭ ‬غريبة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬استهدفت‭ ‬ترابط‭ ‬السمات‭ ‬الشخصية‭ ‬بالبيانات‭ ‬المالية،‭ ‬بأن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يمتازون‭ ‬بطيبة‭ ‬القلب‭ ‬والإفراط‭ ‬باللطف‭ ‬ويتبرعون،‭ ‬يملكون‭ ‬مدخرات‭ ‬أقل‭ ‬وديونا‭ ‬ومعدلات‭ ‬إفلاس‭ ‬أعلى،‭ ‬وتوصلت‭ ‬عالمة‭ ‬اجتماع‭ ‬في‭ ‬كولومبيا‭ ‬“كلية‭ ‬إدارة‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك”‭ ‬ساندرا‭ ‬ماتز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬سجلوا‭ ‬نتيجة‭ ‬أعلى‭ ‬في‭ ‬اللطف،‭ ‬لديهم‭ ‬احتمال‭ ‬أكبر‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬بهم‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬ضائقة‭ ‬مالية‭ ‬رهيبة،‭ ‬وإفلاس‭. ‬فيما‭ ‬اعتقدت‭! ‬طوال‭ ‬حياتي‭ ‬أن‭ ‬الخير‭ ‬يجلب‭ ‬الخير،‭ ‬وكلما‭ ‬ضاعفت‭ ‬عمل‭ ‬الخير‭ ‬زاد‭ ‬خيرك،‭ ‬فأيهما‭ ‬الآن‭ ‬يصدق؟‭ ‬عموماً‭ ‬مازلت‭ ‬مقتنعا‭ ‬بقناعتي‭ ‬الأولى،‭ ‬الخير‭ ‬يعم،‭ ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬شبح‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬يبقى‭ ‬أن‭ ‬نتطلع‭ ‬لسعادة‭ ‬الإنسان‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬مشاعر‭ ‬الحسد‭ ‬والخوف‭ ‬والقلق‭ ‬على‭ ‬أمنه‭ ‬ومنصبه‭ ‬وماله‭ ‬ووظيفته‭ ‬وأسرته،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الحسد‭ ‬والتجسس‭ ‬تجاه‭ ‬زملائنا‭ ‬وأصدقائنا‭ ‬وجيراننا،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬سائد‭ ‬الآن‭ ‬للأسف،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يظل‭ ‬يطارد‭ ‬خبرا‭ ‬سيئا‭ ‬أو‭ ‬حادثا‭ ‬أو‭ ‬إخفاقا،‭ ‬فالأخبار‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬المعنويات‭ ‬لدى‭ ‬البعض،‭ ‬ليست‭ ‬أخبار‭ ‬النجاح‭ ‬والتقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬والسعادة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أخبار‭ ‬الإفلاس‭ ‬والمرض‭ ‬وفقدان‭ ‬الوظيفة‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الهموم‭ ‬والضغوطات‭ ‬نستوردها‭ ‬يوميا‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تشغلنا،‭ ‬عكس‭ ‬أخبار‭ ‬النجاح‭ ‬والسعادة،‭ ‬أستغرب‭ ‬لماذا‭ ‬نحشر‭ ‬أنفسنا‭ ‬بجلب‭ ‬المعاناة‭ ‬والضغوط‭ ‬والتوتر‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬داع؟‭ ‬ألم‭ ‬أقل‭ ‬إننا‭ ‬نهوى‭ ‬استيراد‭ ‬الأخبار‭ ‬المحزنة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنها؟

إن‭ ‬الإنسان‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬أغلى‭ ‬وأثمن‭ ‬من‭ ‬صحته‭ ‬التي‭ ‬لو‭ ‬تضررت‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬يعادل‭ ‬هذه‭ ‬الصحة‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬إلا‭ ‬بالحديث‭ ‬عما‭ ‬يجلب‭ ‬الأمراض‭ ‬والمعاناة‭ ‬ولا‭ ‬يهدأ‭ ‬باله‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يجلب‭ ‬المرض‭ ‬لنفسه‭ ‬بالتفكير‭ ‬المستمر‭ ‬فيه،‭ ‬وهذه‭ ‬مفارقة‭ ‬لا‭ ‬يدركها‭ ‬المرء‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬حين‭.‬‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بخير‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬والخير‭ ‬والنعمة‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تجد‭ ‬الفقير‭ ‬يحمد‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬النعمة‭ ‬ومن‭ ‬يملك‭ ‬النعمة‭ ‬دائم‭ ‬الشكوى،‭ ‬سعادة‭ ‬الفرد‭ ‬أساس‭ ‬بناء‭ ‬المجتمعات‭ ‬الصحية‭ ‬السعيدة،‭ ‬فلو‭ ‬وجد‭ ‬إنسان‭ ‬وحيد‭ ‬غير‭ ‬سعيد‭ ‬فمن‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يصيب‭ ‬الجميع‭ ‬بالعدوى،‭ ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬نظريات‭ ‬السعادة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أسعد‭ ‬غيرك‭ ‬تسعد‭ ‬نفسك،‭ ‬فأين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬ذلك؟‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬دوامة‭ ‬الصراع‭!.‬

تنويرة‭:‬

‭ ‬ازرع‭ ‬الورد‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬جارك‭ ‬يزرع‭ ‬الشوك‭.‬