قمة الحزم والعزم (1)

| عبدعلي الغسرة

تلبية‭ ‬لدعوة‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬حضر‭ ‬أصحاب‭ ‬الجلالة‭ ‬والسمو‭ ‬والفخامة‭ ‬القمة‭ ‬الطارئة‭ ‬الخليجية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭ ‬لمناقشة‭ ‬تداعيات‭ ‬الهجوم‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬السعودية‭ ‬والشارقة‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬الأمتان‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وتداعيات‭ ‬العدوان‭ ‬الإيراني‭ ‬ليست‭ ‬تداعيات‭ ‬خليجية‭ ‬وعربية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬كذلك‭ ‬هي‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬السِلم‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬وعلى‭ ‬إمدادات‭ ‬واستقرار‭ ‬أسواق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية،‭ ‬وناقشت‭ ‬القمة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬استهداف‭ ‬الميليشيات‭ ‬الحوثية‭ ‬الإيرانية‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬وآبار‭ ‬النفط‭ ‬السعودية‭ ‬بإشراف‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬حرس‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬استحق‭ ‬فعلا‭ ‬لقب‭ ‬“منظمة‭ ‬إرهابية”‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬تمثل‭ ‬ردًا‭ ‬إيرانيًا‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية،‭ ‬وتؤثر‭ ‬عالميًا‭ ‬على‭ ‬تجارة‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬نحو‭ (‬100‭) ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬وخُمسها‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭. ‬إن‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬آبار‭ ‬النفط‭ ‬السعودية‭ ‬لا‭ ‬يُمثل‭ ‬استهدافًا‭ ‬للسعودية‭ ‬بل‭ ‬للمياه‭ ‬الدولية‭ ‬الناقلة‭ ‬للنفط‭ ‬وتهديدًا‭ ‬لأسواقها،‭ ‬ولأجل‭ ‬ذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬حماية‭ ‬لهذه‭ ‬المياه‭ ‬وتجارة‭ ‬النفط‭ ‬الدولية‭ ‬ولأجل‭ ‬ضمان‭ ‬استقرار‭ ‬وأمن‭ ‬المنطقة‭ ‬الذي‭ ‬يتلاعب‭ ‬به‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬حين‭ ‬يختنق‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬تجاهه‭. ‬لقد‭ ‬عمل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬منذ‭ ‬1979م‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬أهداف‭ ‬نظامه‭ ‬إلى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬وقامت‭ ‬ميليشياته‭ ‬بتدريب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذ‭ ‬أجندته‭ ‬وأهدافه،‭ ‬ما‭ ‬أجج‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬السياسية‭ ‬والطائفية،‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يقابل‭ ‬ذلك‭ ‬بتحرك‭ ‬وتنسيق‭ ‬خليجي‭ ‬عربي‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬والوقوف‭ ‬ضده،‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬أعز‭ ‬وأفضل‭ ‬بقعة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وهي‭ ‬مكة‭ ‬التي‭ ‬يستهدفها‭ ‬الحوثيون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬بالصواريخ‭ ‬الباليستية‭.‬

إن‭ ‬استمرار‭ ‬الدعم‭ ‬الإيراني‭ ‬للحوثي‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬الحوثية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬اليمن‭ ‬وقيادتها‭ ‬وشعبها،‭ ‬ويمثل‭ ‬عرقلة‭ ‬لأي‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬للأزمة‭ ‬اليمنية،‭ ‬وتهديدًا‭ ‬لأقطار‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تنعقد‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬نهاية‭ ‬حقيقية‭ ‬لتهديدات‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وجودنا‭ ‬العربي‭ ‬وأمننا‭ ‬وضمانا‭ ‬لحرية‭ ‬الملاحة‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬الاستراتيجي‭. ‬لذا،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬حضرت‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬ودورها‭ ‬الإيجابي‭ ‬بصد‭ ‬تصرفات‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬حمايةً‭ ‬لمصالحها‭ ‬وللإسهام‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬لمنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬والعالم‭.‬