الحرب العقائدية... سلاح إيران الخفي (1)

| رنا خالد

الحرب‭ ‬العقائدية‭ ‬هي‭ ‬أحد‭ ‬أشكال‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬طرفين،‭ ‬خصوصا‭ ‬عندما‭ ‬يتبنى‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬عقيدة‭ ‬أو‭ ‬آيديولوجية‭ ‬مختلفة‭. ‬إنها‭ ‬حرب‭ ‬عاطفية‭ ‬تجمع‭ ‬قلوب‭ ‬ومشاعر‭ ‬المريدين‭ ‬والأتباع‭ ‬عبر‭ ‬قصص‭ ‬يختلط‭ ‬فيها‭ ‬الحق‭ ‬بالباطل‭ ‬والماضي‭ ‬بالحاضر،‭ ‬ثم‭ ‬تتحول‭ ‬المبادئ‭ ‬السامية‭ ‬إلى‭ ‬أفكار‭ ‬عدوانية‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬فتاك‭ ‬يحمله‭ ‬المتعاطفون‭ ‬والمؤمنون‭ ‬بهذه‭ ‬العقيدة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬الوطن‭ ‬والأهل‭ ‬والدين‭.‬

النظام‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬في‭ ‬الحشد‭ ‬العقائدي‭ ‬كسلاح‭ ‬أساس‭ ‬تستخدمه‭ ‬للردع‭ ‬والهجوم‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دشنته‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬حياة‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬الثمانينات‭. ‬اعتبر‭ ‬النظام‭ ‬أن‭ ‬حربه‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬صراع‭ ‬يخوضه‭ ‬بالنيابة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬المضطهدين‭ ‬من‭ ‬أتباع‭ ‬المذهب،‭ ‬واستخدمت‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬النفسية‭ ‬بعض‭ ‬العبارات‭ ‬والقصص‭ ‬المستلة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬لتأجيج‭ ‬المشاعر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭.‬

تنامت‭ ‬قدرة‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الحشد‭ ‬العقائدي‭ ‬عبر‭ ‬السنوات،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬زرع‭ ‬وتغذية‭ ‬الميليشيات‭ ‬والأحزاب‭ ‬والتنظيمات‭ ‬السياسية‭ ‬الموالية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬ولم‭ ‬يتعامل‭ ‬الغرب‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬بالردع‭ ‬والحدة‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬اليوم‭ ‬بل‭ ‬تركها‭ ‬للإهمال‭ ‬المتعمد‭ ‬تارة‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬تارة‭ ‬أخرى،‭ ‬ولم‭ ‬تتم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تنامت‭ ‬قوة‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬وتغيرت‭ ‬عقيدتها‭ ‬القتالية‭ ‬وأساليبها‭ ‬التنظيمية‭ ‬والتمويلية،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تحتل‭ ‬قلب‭ ‬الصراع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬حتى‭ ‬غدت‭ ‬هذه‭ ‬الميليشيات‭ ‬لاعباً‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭.‬

سلاح‭ ‬إيران‭ ‬العقائدي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يستهدف‭ ‬أتباع‭ ‬المذهب‭ ‬الشيعي‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬بل‭ ‬صار‭ ‬ينتشر‭ ‬بصورة‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬معتنقين‭ ‬وأتباعا‭ ‬للمذهب‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الجاليات‭ ‬المسلمة‭ ‬من‭ ‬المذاهب‭ ‬الأخرى‭ ‬الذين‭ ‬صاروا‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬بأنها‭ ‬النموذج‭ ‬السياسي‭ ‬والروحي‭ ‬الفعال‭ ‬وهم‭ ‬يبنون‭ ‬مقاربتهم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬استطاع‭ ‬تحقيق‭ ‬بعض‭ ‬النجاحات‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬وللحديث‭ ‬تتمة‭. ‬“إيلاف”‭.‬