مجلس‭ ‬الرئيس‭... ‬هموم‭ ‬الأمة

| د. عبدالله الحواج

رغم‭ ‬هموم‭ ‬الوطن‭ ‬الأصغر،‭ ‬ورغم‭ ‬ضخامة‭ ‬مسئولياته،‭ ‬تعلقت‭ ‬أعين‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬بالقمم‭ ‬المصيرية‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬المكرّمة،‭ ‬تابع‭ ‬جدول‭ ‬أعمالها‭ ‬المزدحم‭ ‬بالقضايا‭ ‬والأحداث،‭ ‬بالهمم‭ ‬التي‭ ‬تغرسها‭ ‬إرادة‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬القادة‭ ‬والزعماء‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬مؤتمرات‭ ‬ماراثونية‭.‬

لم‭ ‬يغمض‭ ‬لسموه‭ ‬جفن،‭ ‬ولم‭ ‬يرتح‭ ‬لما‭ ‬يحاك‭ ‬ضد‭ ‬أمتنا‭ ‬من‭ ‬مؤامرات‭ ‬خبيثة‭ ‬لشق‭ ‬الصفوف‭ ‬وهدم‭ ‬الهموم،‭ ‬وتدمير‭ ‬الصروح،‭ ‬رؤيته‭ ‬البعيدة‭ ‬الثاقبة‭ ‬لم‭ ‬يخفت‭ ‬صوت‭ ‬ضميرها‭ ‬الحي،‭ ‬فلطالما‭ ‬حذر‭ ‬سموه‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬من‭ ‬مغبة‭ ‬تشتت‭ ‬الأمة،‭ ‬من‭ ‬تشرذم‭ ‬تفاصيلها‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وتمرد‭ ‬الشارد‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬توارثناها،‭ ‬وقيم‭ ‬تبادلناها،‭ ‬وجذور‭ ‬حافظنا‭ ‬عليها‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬أمامنا‭ ‬غير‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الأصول،‭ ‬التشبث‭ ‬بالمبادئ‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬آباؤنا‭ ‬وأجدادنا‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور،‭ ‬بالدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬من‭ ‬جارت‭ ‬عليهم‭ ‬الأزمنة‭ ‬وأصبحوا‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح،‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬مررنا‭ ‬بها‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لدينا‭ ‬سوى‭ ‬عزيمة‭ ‬الرجال،‭ ‬وإرادة‭ ‬الأولين‭ ‬الأشداء‭.‬

تاريخنا‭ ‬حافل‭ ‬بالبطولات،‭ ‬والعشرة‭ ‬الأواخر‭ ‬تذكرنا‭ ‬ببدر،‭ ‬عندما‭ ‬كنا‭ ‬نفرٌ‭ ‬قليلٌ،‭ ‬لكننا‭ ‬حققنا‭ ‬أعظم‭ ‬انتصارات‭ ‬على‭ ‬عتاد‭ ‬وجيوش‭ ‬جرارة‭ ‬للكفار،‭ ‬أيامنا‭ ‬الخوالي‭ ‬لن‭ ‬يهدأ‭ ‬لها‭ ‬بال،‭ ‬طالما‭ ‬في‭ ‬أمتنا‭ ‬قادة‭ ‬أشاوس،‭ ‬حكماء،‭ ‬ومفكرين‭ ‬نبلاء‭ ‬ومقاتلين‭ ‬مؤمنين،‭ ‬وطالما‭ ‬أدركنا‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬المحدق‭ ‬يصيبنا‭ ‬جميعا،‭ ‬وأن‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬لا‭ ‬يستثني‭ ‬أحدا‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬كانت‭ ‬الدعوة‭ ‬المباركة‭ ‬لخادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬إلى‭ ‬الأمة‭ ‬بأسرها‭ ‬شاملة‭ ‬جامعة،‭ ‬ربما‭ ‬يستيقظ‭ ‬الغافلون،‭ ‬ويستفيق‭ ‬المتهاونون‭ ‬ويتفقوا‭ ‬على‭ ‬كلمة‭ ‬سواء‭.‬

الهم‭ ‬المحلي‭ ‬لم‭ ‬ينس‭ ‬سموه‭ ‬الهموم‭ ‬المصيرية‭ ‬التي‭ ‬تبتلع‭ ‬أمتنا،‭ ‬فبينما‭ ‬كانت‭ ‬طاولة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬الماضي‭ ‬مزدحمة‭ ‬على‭ ‬آخرها‭ ‬بالقضايا‭ ‬المحلية‭ ‬المقلقة،‭ ‬وبينما‭ ‬كان‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬مشغولا‭ ‬بقضايا‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتوازن‭ ‬المالي‭ ‬والمستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬للمواطن،‭ ‬لم‭ ‬يتردد‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يدعو‭ ‬قادتنا‭ ‬الخليجيين‭ ‬وزعماء‭ ‬الأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬المجتمعين‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬إلى‭ ‬وقفة‭ ‬رجل‭ ‬واحد،‭ ‬إلى‭ ‬صف‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬اللحمة،‭ ‬وستار‭ ‬حديدي‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬المشتركة،‭ ‬الأمة‭ ‬بأسرها‭ ‬مهددة،‭ ‬وليست‭ ‬فلسطين‭ ‬أو‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬اليمن‭ ‬وحدهم،‭ ‬الأمة‭ ‬بطولها‭ ‬وعرضها‭ ‬وإرثها‭ ‬الحضاري‭ ‬تغرق‭ ‬في‭ ‬الخلافات،‭ ‬تئن‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬الاستقطابات،‭ ‬وتفيض‭ ‬عن‭ ‬عزمها‭ ‬بآلام‭ ‬البشر‭ ‬وعذابات‭ ‬المستضعفين‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬إنه‭ ‬الامتحان‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة،‭ ‬نكون‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬نكون‭!‬؟‭ ‬نعيش‭ ‬بكرامة‭ ‬ونذود‭ ‬عن‭ ‬أوطاننا‭ ‬بقوة،‭ ‬أو‭ ‬نرتضى‭ ‬الهوان‭ ‬ومن‭ ‬بعدنا‭ ‬الطوفان‭.‬

إن‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬كقائد‭ ‬عالمي‭ ‬لا‭ ‬يجتزئ‭ ‬المواقف،‭ ‬يضم‭ ‬الملفات‭ ‬جميعها‭ ‬ويضعها‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الزعماء‭ ‬في‭ ‬مكة،‭ ‬ويرى‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬المحاور‭ ‬ضربا‭ ‬للصفوف،‭ ‬والتفريط‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬خيانة‭ ‬للشعوب،‭ ‬والتنازل‭ ‬عن‭ ‬الثوابت‭ ‬تشتت‭ ‬وزوال‭.‬