ظاهرها حق وباطنها باطل

| عبدعلي الغسرة

يستخدم‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬أسوأ‭ ‬الحيل‭ ‬السياسية،‭ ‬فهو‭ ‬يَعيش‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬غصة‭ ‬يُريد‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬بأية‭ ‬طريقة،‭ ‬فقد‭ ‬اقترح‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬النظام‭ ‬‭(‬إبرام‭ ‬اتفاقية‭ ‬عدم‭ ‬اعتداء‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭)‬،‭ ‬ولتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬المموه‭ ‬وغير‭ ‬الصادق‭ ‬فنائبه‭ ‬يقوم‭ ‬بجولة‭ ‬تشمل‭ ‬قطر‭ ‬وعُمان‭ ‬لتزيين‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭. ‬وقد‭ ‬علمتنا‭ ‬التجارب‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الكثير،‭ ‬ومنها‭ ‬أي‭ ‬تحرك‭ ‬مُبتسم‭ ‬ظاهره‭ ‬صدق‭ ‬وباطنه‭ ‬فخٌ‭ ‬ومَكر،‭ ‬وبعد‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصديقه‭ ‬أبدًا،‭ ‬فلا‭ ‬نتوقع‭ ‬أننا‭ ‬سنفرح‭ ‬وسنجلس‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬معه‭ ‬لتوقيع‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعطائه‭ ‬المجال‭ ‬لأن‭ ‬يسرح‭ ‬ويمرح‭ ‬في‭ ‬أراضينا‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن،‭ ‬فهو‭ ‬نظام‭ ‬تجاوز‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬والأعراف‭ ‬الإنسانية‭ ‬ليس‭ ‬مع‭ ‬جيرانه‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬مع‭ ‬القوميات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬إيران‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬صادقًا‭ ‬في‭ (‬نيته‭) ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬ينسحب‭ ‬من‭ ‬إقليم‭ ‬الأحواز‭ ‬العربي‭ ‬ويعيد‭ ‬الجزر‭ ‬العربية‭ ‬الثلاث،‭ ‬وأن‭ ‬يسحب‭ ‬ميليشياته‭ ‬المُسلحة‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬ولبنان،‭ ‬وأن‭ ‬يُسرح‭ (‬فيلق‭ ‬القُدس‭) ‬وينهي‭ ‬مهماته‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي،‭ ‬وأن‭ ‬يُلغي‭ ‬بند‭ (‬تصدير‭ ‬الثورة‭) ‬من‭ ‬دستوره‭ ‬وأن‭ ‬يلتزم‭ ‬بالمعاهدات‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬المُتعلقة‭ ‬بعلاقاته‭ ‬مع‭ ‬أقطار‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬راغب‭ ‬بذلك‭ ‬فما‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬الكاذبة؟‭ ‬فعليه‭ ‬إثبات‭ ‬نيته‭ ‬ثم‭ ‬ليبدأ‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إذا‭ ‬شاء‭.‬

إن‭ ‬قيام‭ ‬علاقات‭ ‬سياسية‭ ‬جيدة‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬تأسيس‭ ‬ميليشيات‭ ‬إرهابية‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬زعزعة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬البلدان،‭ ‬فالبحرين‭ ‬والكويت‭ ‬والسعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬لديها‭ ‬سجلات‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬للتدخل‭ ‬الإيراني‭ ‬ومحاولات‭ ‬العبث‭ ‬والعدوان‭ ‬على‭ ‬أراضيها،‭ ‬وكشف‭ ‬أمن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أذرعه‭ ‬وأدانها‭ ‬قضائيًا‭. ‬فهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬من‭ ‬يُثير‭ ‬الفتن‭ ‬والقلاقل‭ ‬إلى‭ ‬حمامة‭ ‬سلام‭ ‬بين‭ ‬ليلةٍ‭ ‬وضحاها؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬لمَن‭ ‬قسم‭ ‬اليمن‭ ‬ودمرها‭ ‬أن‭ ‬يضمر‭ ‬الخير‭ ‬لشقيقاتها‭ ‬الخليجيات؟‭ ‬وهل‭ ‬مَن‭ ‬يمنع‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ويقتل‭ ‬شعبها‭ ‬بميليشيات‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬العروبة‭ ‬يكون‭ ‬صادقًا‭ ‬في‭ ‬وعده؟‭ ‬وهل‭ ‬مَن‭ ‬وجه‭ ‬سلاحه‭ ‬لصدور‭ ‬السوريين‭ ‬الذين‭ ‬تاقوا‭ ‬إلى‭ ‬الحرية‭ ‬يكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬توقيع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية؟

لقد‭ ‬حول‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬بعض‭ ‬أقطارنا‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬قطعة‭ ‬شطرنجية‭ ‬تقوم‭ ‬بيادقه‭ ‬بلعبة‭ ‬تدمير‭ ‬لتأسيس‭ ‬الامبراطورية‭ ‬الفارسية‭ ‬الكُبرى‭ ‬من‭ ‬النيل‭ ‬إلى‭ ‬الفرات‭ ‬والخليج‭ ‬العربي،‭ ‬غير‭ ‬آبه‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬بوجود‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬وسيادة‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬وشرعيتها،‭ ‬متناسيًا‭ ‬بذلك‭ ‬مبادئ‭ ‬الأخوة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬يدعيها‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭. ‬فهذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬سياسته‭ ‬في‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬ومبدأ‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭.‬