مجلس التعاون... الأصالة والشموخ

| عبدعلي الغسرة

ثمانية‭ ‬وثلاثون‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لأقطار‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وتبقى‭ ‬الأهداف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القادة‭ ‬المؤسسين،‭ ‬حيث‭ ‬حققت‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬التنمية‭ ‬ومتنت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء،‭ ‬واستطاع‭ ‬القادة‭ ‬من‭ ‬الملوك‭ ‬والأمراء‭ ‬أن‭ ‬يحافظوا‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬وأصالتها،‭ ‬وتحققت‭ ‬أهداف‭ ‬التأسيس‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ومازال‭ ‬هناك‭ ‬بعضها،‭ ‬كالنقد‭ ‬الخليجي‭ ‬وتوحيد‭ ‬جواز‭ ‬السفر‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬الذي‭ ‬ينتظره‭ ‬الجميع‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬المجلس‭. ‬

إن‭ ‬ما‭ ‬يجمع‭ ‬قادة‭ ‬أقطار‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وأبناءه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بنود‭ ‬وأهداف‭ ‬واتفاقيات،‭ ‬تجمعهم‭ ‬أواصر‭ ‬القربى‭ ‬والنسب‭ ‬والمصير‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬والتاريخ‭ ‬والدين‭ ‬واللغة‭ ‬العربية،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬تأسيس‭ ‬المجلس‭ ‬ضرورة‭ ‬أساسية‭ ‬لأقطاره‭ ‬لتوحيدها‭ ‬وتحصينها‭ ‬ضد‭ ‬التهديدات‭ ‬والمخاطر‭ ‬الإقليمية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بات‭ ‬العالم‭ ‬يعيش‭ ‬عصر‭ ‬التكتلات‭ ‬والتجمعات،‭ ‬وبعد‭ ‬هذه‭ ‬الأعوام‭ ‬مازالت‭ ‬أقطار‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬تتعرض‭ ‬إلى‭ ‬هجمات‭ ‬وتهديدات،‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وميليشيات‭ ‬الإرهاب‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬الانقضاض‭ ‬على‭ ‬مفاصل‭ ‬هذه‭ ‬الأقطار‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬طهران‭ ‬راضية‭ ‬عن‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬وخصوصا‭ ‬عضوية‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فحاربت‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وحانت‭ ‬فرصتها‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬باختراق‭ ‬الأمن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬بعد‭ ‬لبنان‭ ‬والعراق،‭ ‬ومدت‭ ‬ذراعها‭ ‬الحوثي‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬ليغتصب‭ ‬السلطة‭ ‬ويكون‭ ‬أداتها‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخططاتها‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ملحمة‭ ‬الحزم‭ ‬والعزم‭ ‬بقيادة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أفشلت‭ ‬هذه‭ ‬المخططات‭ ‬التي‭ ‬ينفذها‭ ‬الحوثيون‭ ‬بتوجيه‭ ‬من‭ ‬طهران‭. ‬وتعمل‭ ‬طهران‭ ‬جاهدة‭ ‬في‭ ‬التلاعب‭ ‬بالأحداث‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تصعيدها‭ ‬لصالح‭ ‬أهدافها‭ ‬ومطامعها‭ ‬التوسعية،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬هدم‭ ‬كل‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬وتهديد‭ ‬أمنه‭ ‬ووجوده‭ ‬العربي،‭ ‬والعمل‭ ‬ضد‭ ‬مصالح‭ ‬شعبه‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يثق‭ ‬بقادة‭ ‬أقطاره‭ ‬ويقف‭ ‬مُعتزًا‭ ‬خلفهم،‭ ‬رافضًا‭ ‬التدخلات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وأنهم‭ ‬ومع‭ ‬قياداتهم‭ ‬الخليجية‭ ‬يٌشكلون‭ ‬جبهة‭ ‬خليجية‭ ‬عربية‭ ‬لصد‭ ‬هذه‭ ‬التدخلات‭ ‬بحزمٍ‭ ‬وعزم‭.‬

 

سيبقى‭ ‬المجلس‭ ‬مُتماسكا‭ ‬بأهدافه‭ ‬مُعتزًا‭ ‬بعروبته،‭ ‬شامخًا‭ ‬بمكاسبه‭ ‬رافضًا‭ ‬شل‭ ‬حركته،‭ ‬فقد‭ ‬نشأ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توافق‭ ‬خليجي‭ ‬عربي‭ ‬يجمع‭ ‬أقطاره‭ ‬ويُوحِد‭ ‬قدراتهم،‭ ‬مُستمرًا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المكاسب‭ ‬لمواطنيه‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والأمنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬واستقراره‭.‬