ذرائع

لاريكا‭... ‬ لا‭ ‬أراكم‭ ‬الله‭ ‬مكروهاً

| غسان الشهابي

أستفيد‭ ‬من‭ ‬تعليق‭ ‬الصديق‭ ‬الشاعر‭ ‬كريم‭ ‬رضي‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬أثارته‭ ‬الدكتورة‭ ‬شريفة‭ ‬سوار‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬قلائل‭ ‬عن‭ ‬القصة‭ ‬التي‭ ‬عُرفت‭ ‬اختصاراً‭ ‬بـ‭ ‬“مدرسة‭ ‬مدينة‭ ‬حمد”،‭ ‬وذلك‭ ‬عندما‭ ‬استنكرت‭ ‬جهات‭ ‬رسمية‭ ‬عديدة‭ ‬القول‭ ‬وليس‭ ‬الفعل،‭ ‬أي‭ ‬استنكرت‭ ‬خروج‭ ‬القصة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬وليست‭ ‬القصة‭ ‬نفسها،‭ ‬والتي‭ ‬انتهت‭ ‬لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬حادثة‭ ‬فردية‭ ‬ومنعزلة‭ ‬وليست‭ ‬“ظاهرة”‭.‬

وقد‭ ‬نتفق‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬اللجنة،‭ ‬لكن‭ ‬قرار‭ ‬وزيرة‭ ‬الصحة‭ ‬فائقة‭ ‬الصالح‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬ضوابط‭ ‬جديدة‭ ‬ومشددة‭ ‬سيتم‭ ‬وضعها‭ ‬بشأن‭ ‬آلية‭ ‬صرف‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬الدواء‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬“لاريكا”،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الضوابط‭ ‬والاشتراطات‭ ‬ستصدر‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬وزاري‭ ‬وستنشر‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬الرسمية،‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬مهما‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬انتقاد‭ ‬إلى‭ ‬الدكتورة‭ ‬سوار‭ ‬في‭ ‬تصرفها‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬قانونياً‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬تشهيراً‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬ومع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬توخي‭ ‬الحذر‭ ‬في‭ ‬النشر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينال‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدلة؛‭ ‬فها‭ ‬هي‭ ‬ذي‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬أولى‭ ‬المحطات‭ ‬وهي‭ ‬إثارة‭ ‬مسألة‭ ‬الدواء‭ ‬الذي‭ ‬يستعمل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬الموصوف‭ ‬له‭ ‬للعلاج‭ ‬لينقلب‭ ‬إلى‭ ‬سمّ‭ ‬زعاف‭.‬

أما‭ ‬الموضوع‭ ‬الثاني،‭ ‬وهو‭ ‬موضوع‭ ‬“الادّعاء”‭ ‬بانتشار‭ ‬المواد‭ ‬المخدرة‭ ‬بين‭ ‬صفوف‭ ‬الطلبة،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء‭ ‬قديم‭ ‬جداً،‭ ‬ويشمل‭ ‬المدارس‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬ويشمل‭ ‬أبناء‭ ‬الفقراء‭ ‬والأغنياء،‭ ‬والشاطر‭ ‬والكسلان،‭ ‬لكن‭ ‬بين‭ ‬القول‭ ‬المُرسل،‭ ‬والحقائق‭ ‬الدامغة‭ ‬هناك‭ ‬بون‭ ‬شاسع،‭ ‬وجهد‭ ‬كبير‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُبذل،‭ ‬وفرق‭ ‬عمل‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬السر‭ ‬والعلن،‭ ‬تتقصّى‭ ‬الحقائق،‭ ‬وتستنطق‭ ‬الطلبة،‭ ‬وتصغي‭ ‬إليهم‭ ‬بشكل‭ ‬عميق‭ ‬لمعرفة‭ ‬دقائق‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬بينهم‭ ‬بينما‭ ‬الراشدون‭ ‬في‭ ‬طمأنينتهم‭ ‬الزائفة‭ ‬يرفلون‭. ‬ففي‭ ‬السابق‭ ‬كان‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أجيال‭ ‬تفصلهم‭ ‬السنوات‭ ‬الطوال،‭ ‬بينما‭ ‬اليوم‭ ‬الأجيال‭ ‬تتحدد‭ ‬بتطور‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصالات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬الفارق‭ ‬الزمني‭ ‬والتقني‭ ‬بين‭ ‬أجيال‭ ‬اليوم،‭ ‬ويفارق‭ ‬بينهم،‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬الانعزال،‭ ‬وفي‭ ‬العزلة‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الاندماج‭ ‬الطبيعي‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬يحدث‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُتخيل،‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬بشر‭.‬

 

ليس‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬أن‭ ‬ندّعي‭ ‬أننا‭ ‬مجتمع‭ ‬من‭ ‬الملائكة،‭ ‬ولا‭ ‬يعيب‭ ‬اليوم‭ ‬أيّ‭ ‬مجتمع‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬علاته،‭ ‬والعلاج‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬التشخيص‭ ‬العلمي‭ ‬الصحيح‭ ‬والدقيق‭... ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬مدار‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬مقبل‭.‬