وَخْـزَةُ حُب

على الدفتر!

| د. زهرة حرم

كما‭ ‬تطور‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬صاروخي‭ ‬مُنفلت،‭ ‬وفي‭ ‬شتى‭ ‬المجالات؛‭ ‬تطورت‭ ‬طرق‭ ‬الغش‭ ‬والخداع؛‭ ‬فقد‭ ‬فغرنا‭ ‬أفواهنا‭ ‬مؤخرا‭ ‬–‭ ‬أي‭ ‬فتحناها‭ ‬دهشة‭ - ‬على‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬النهب‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الحديث،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أجهزة‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن‭ ‬الجديدة،‭ ‬التي‭ ‬تعارف‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬تسميتها‭ ‬بالذكية،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬بالذكية؛‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ (‬فهلوية‭) ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬تسمح‭ ‬لمستخدميها‭ ‬بالتذاكي،‭ ‬والتحايل،‭ ‬والتمايل،‭ ‬ولوي‭ ‬الأذرعة،‭ ‬ولن‭ ‬نقف‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬كثيرا؛‭ ‬فلكل‭ ‬تطور‭ ‬وجهان؛‭ ‬سلبي‭ ‬وإيجابي،‭ ‬والعبرة‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬وطبيعة‭ ‬الاستخدام،‭ ‬ولماذا‭ ‬وأين؟‭!‬

هذه‭ ‬مقدمة‭ ‬شبه‭ ‬ذكية؛‭ ‬لموضوع‭ ‬فيه‭ ‬من‭ (‬التغابي‭) ‬أو‭ (‬التغافل‭) ‬لحراميّة‭ ‬لا‭ ‬يتطورون،‭ ‬فأسالبيهم‭ ‬هي‭ ‬هي،‭ ‬وطرقهم‭ ‬لا‭ ‬تتبدل،‭ ‬أو‭ ‬تتحور،‭ ‬أو‭ ‬يحصل‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬تقدم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬سنوات‭ ‬عِجاف‭ ‬عليها‭! ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬التطور‭ ‬لم‭ ‬يشملها،‭ ‬وكيف‭ ‬يكون‭ ‬أصلا،‭ ‬والمسروق‭ ‬لا‭ ‬يشتكي،‭ ‬وإنْ‭ ‬تذمر‭ ‬أو‭ ‬انزعج‭! ‬وفي‭ ‬النتيجة‭ ‬يبقى‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭! ‬ولن‭ ‬أبتعد‭ ‬بكم‭ ‬كثيرا؛‭ ‬فأنا‭ ‬أقصد‭ ‬هنا‭: ‬حرامية‭ ‬الدكاكين‭!‬

حرامية‭ ‬الدكاكين،‭ ‬تجدهم‭ ‬عند‭ ‬كل‭ (‬برادة‭) ‬أو‭ (‬دكان‭) ‬في‭ ‬حي‭ ‬أو‭ ‬قرية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭! ‬لديهم‭ ‬قائمة‭ ‬طلبات‭ ‬طويلة،‭ ‬تضاف‭ ‬يوميًا‭ ‬إلى‭ ‬دفاتر‭ ‬وسجلات‭ (‬ديونهم‭ ‬المتراكمة‭)‬،‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يدفعون‭ ‬مطلقًا،‭ ‬وإن‭ ‬قرروا‭ ‬ذلك؛‭ ‬رموا‭ ‬بالَّلمَم؛‭ ‬أي‭ ‬القليل‭ ‬جدا؛‭ ‬ليس‭ ‬بهدف‭ ‬تغطية‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ديونهم؛‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ذرّ‭ ‬الرماد‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬البائع‭ ‬المسكين؛‭ ‬ليسكت‭ ‬عن‭ ‬تسويفاتهم؛‭ ‬وفي‭ ‬النهاية؛‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬رقابهم‭ ‬في‭ ‬يده؛‭ ‬تكون‭ ‬رقبته‭ ‬–‭ ‬هو‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬يدهم؛‭ ‬فأية‭ ‬شكوى‭ ‬رسمية،‭ ‬أو‭ ‬مطالبة‭ ‬جادة؛‭ ‬يكون‭ ‬دونها‭ ‬الويل‭ ‬والثبور‭ ‬له،‭ ‬والخسائر‭ ‬الجلل‭!‬

ما‭ ‬يحصل‭ ‬يا‭ ‬سادة‭ ‬يا‭ ‬كرام،‭ ‬أن‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬–‭ ‬ويا‭ ‬للأسف‭ ‬–‭ ‬يُنفقون‭ (‬مبالغ‭ ‬وقدرها‭) ‬في‭ ‬المحال‭ ‬الكبيرة‭ ‬خارج‭ ‬مناطقهم؛‭ ‬فإذا‭ ‬نقصهم‭ ‬شيء‭ ‬أو‭ ‬غرض؛‭ ‬لجأوا‭ ‬إلى‭ ‬المحلات‭ ‬الصغيرة‭ ‬القريبة‭ ‬منهم؛‭ ‬وكما‭ ‬نقول‭ (‬على‭ ‬الدفتر‭)‬،‭ ‬أي‭ (‬الدفع‭ ‬الآجل‭) ‬أو‭ ‬المؤجل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الموتُ‭ ‬موعدَ‭ ‬سداده؛‭ ‬فيضيع‭ ‬حق‭ ‬الدكان‭ ‬الصغير،‭ ‬ولن‭ ‬تنفع‭ ‬بعدها‭ ‬مطالبات‭ ‬الوَرَثة،‭ ‬وفي‭ ‬المحصلة‭ ‬يتحول‭ ‬صاحب‭ ‬الدكان‭ ‬من‭ ‬دائن‭ ‬إلى‭ ‬مديون‭!‬

أين‭ ‬تقوى‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬كله‭! ‬فكل‭ ‬عملية‭ ‬لشراء‭ ‬غير‭ ‬محددة‭ ‬بموعد‭ ‬سداد؛‭ ‬ثمّة‭ ‬نية‭ ‬خفية‭ ‬بعدم‭ ‬الدفع؛‭ ‬أي‭ ‬سرقة‭ ‬مكتملة‭ ‬الأركان،‭ ‬ولكن‭! ‬مسكوت‭ ‬عنها‭! ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬بائع‭ ‬يستحي‭ ‬من‭ ‬المطالبة؛‭ ‬فغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬جارًا‭ ‬أو‭ ‬قريبًا‭! ‬وتستمر‭ ‬اللعبة،‭ ‬دون‭ ‬تطور‭ ‬أو‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬حيثياتها؛‭ ‬لذا‭ ‬يواصل‭ ‬هؤلاء‭ ‬لعب‭ ‬الدور‭ ‬التقليدي‭ ‬نفسه،‭ (‬وعلى‭ ‬الدفتر‭)‬،‭ ‬أما‭ ‬البائع‭ ‬فيواصل‭ ‬النوم‭ ‬على‭ ‬كومة‭ ‬دفاتر‭ ‬المديونيات‭! ‬الأول‭ ‬ينقصه‭ ‬لقب‭ ‬حرامي،‭ ‬والثاني‭ ‬يستحق‭ ‬لقب‭ ‬مغفل‭! ‬اصْحُوا‭!.‬