خصائص‭ ‬جرائم‭ ‬الإنترنت

| د. عبدالقادر ورسمه

انتشار‭ ‬الإنترنت‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬التواصل‭ ‬الحضاري‭ ‬والثقافي‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بعولمة‭ ‬الجريمة‭. ‬فالإنترنت‭ ‬قدم‭ ‬تسهيلات‭ ‬للأنشطة‭ ‬الإجرامية،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الأمن‭ ‬عرضة‭ ‬لأنماط‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬الذكية‭ ‬عابرة‭ ‬الحدود‭. ‬

من‭ ‬أهم‭ ‬خصائص‭ ‬جرائم‭ ‬الإنترنت‭ ‬وجود‭ ‬“الحاسب‭ ‬الآلي”،‭ ‬فيكون‭ ‬الجهاز‭ ‬هو‭ ‬أداة‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريمة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تسمية‭ ‬أي‭ ‬جريمة‭ ‬بأنها‭ ‬جريمة‭ ‬إنترنت‭ ‬دون‭ ‬استخدام‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭. ‬ومن‭ ‬الخصائص‭ ‬أيضا‭ ‬“مرتكب‭ ‬الجريمة”،‭ ‬ذو‭ ‬الخبرة‭ ‬الفائقة‭ ‬لارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬الإنترنت،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المستخدم‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬فائقة‭ ‬بالدرجة‭ ‬التي‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬الجريمة‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬اكتشافها‭. ‬لذا‭ ‬معظم‭ ‬من‭ ‬يرتكبون‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬

الجريمة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أثيرية،‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها‭ ‬جغرافيا،‭ ‬لأن‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‭ ‬ألغت‭ ‬الحدود،‭ ‬اذ‭ ‬يمكن‭ ‬التحدث‭ ‬بين‭ ‬أشخاص‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭. ‬وأي‭ ‬جرائم‭ ‬ترتكب‭ ‬عبر‭ ‬الشبكة‭ ‬تتخطي‭ ‬الحدود‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬فيها‭ ‬لتتعدى‭ ‬آثارها‭ ‬كافة‭ ‬البلدان‭. ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬جرائم‭ ‬الانترنت‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬عبر‭ ‬أجهزة‭ ‬الحاسب‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الشبكة،‭ ‬أو‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأموال‭ ‬واستهداف‭ ‬الأفراد‭ ‬والشركات‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬الهدف‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬نفسها‭. ‬ويكون‭ ‬الطمع‭ ‬وراءها‭ ‬والمكسب‭ ‬السريع‭ ‬يحرك‭ ‬مرتكبها‭ ‬وترتكب‭ ‬أحيانا‭ ‬لمجرد‭ ‬اختراق‭ ‬نظام‭ ‬شركة‭ ‬وتخطي‭ ‬حواجز‭ ‬الحماية‭ ‬أو‭ ‬بدافع‭ ‬الانتقام‭.‬‭ ‬

هناك‭ ‬بعض‭ ‬الخصائص‭ ‬الفرعية‭ ‬منها‭ ‬إن‭ ‬جريمة‭ ‬الإنترنت‭ ‬لا‭ ‬تترك‭ ‬أثرا‭. ‬وهناك‭ ‬صعوبات‭ ‬فنية‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بآثار‭ ‬وجسم‭ ‬الجريمة‭ ‬“كربس‭ ‬ديليكتي”،‭ ‬ويصعب‭ ‬على‭ ‬المحقق‭ ‬التقليدي‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬لأنها‭ ‬غامضة‭ ‬وتحتاج‭ ‬لخبير‭ ‬تقني‭ ‬“فورنسك”،‭ ‬فالجريمة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬ويصعب‭ ‬متابعتها‭. ‬ومعظم‭ ‬جرائم‭ ‬الإنترنت‭ ‬تم‭ ‬اكتشافها‭ ‬بالصدفة‭ ‬وبعد‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬ارتكابها،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬إن‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكتشف‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التي‭ ‬كشف‭ ‬الستار‭ ‬عنها،‭ ‬فما‭ ‬العمل‭ ‬وأين‭ ‬المفر؟