زيارات‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬والشهر‭ ‬الفضيل

| د. عبدالله الحواج

قد‭ ‬أكون‭ ‬محظوظا،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬توفيق‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يضعني‭ ‬أمام‭ ‬القادة‭ ‬وهم‭ ‬يوجهون،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬التحدي‭ ‬عندما‭ ‬يتجلى،‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬المتشرفين‭ ‬المستقبلين‭ ‬لولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬بزيارة‭ ‬لمجلسنا‭ ‬العامر‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬كنت‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬مثل‭ ‬سائر‭ ‬المحتفين‭ ‬بمقدم‭ ‬سموه‭ ‬وهو‭ ‬يبشر‭ ‬بخير‭ ‬وفير‭ ‬يطل‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬القريب،‭ ‬وكانت‭ ‬الإشارات‭ ‬الحميمية‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الكلمات‭ ‬عندما‭ ‬تتقاطع‭ ‬مع‭ ‬المشاهدات‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬حقائق‭ ‬وجود،‭ ‬ومؤكدة‭ ‬لسلامة‭ ‬جبهة،‭ ‬وموضحة‭ ‬لمعالم‭ ‬طريق‭.‬

المنطقة‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬التوتر،‭ ‬والوطن‭ ‬بحاجة‭ ‬لتماسك‭ ‬أكثر،‭ ‬لمواقف‭ ‬أصلب،‭ ‬لإعلان‭ ‬صريح‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يحك‭ ‬جلدك‭ ‬مثل‭ ‬ظفرك،‭ ‬النفط‭ ‬الصخري‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬الوصول‭ ‬ربما،‭ ‬تكلفته‭ ‬والعائد‭ ‬وجدواه‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تحت‭ ‬الفحص،‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد،‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬لسان‭ ‬سموه،‭ ‬والوسطية‭ ‬التي‭ ‬نفخر‭ ‬بها‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬أجواء‭ ‬اللقاء‭ ‬الميمون،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬واضحا‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬تصبح‭ ‬للمجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬ذلك‭ ‬العبق‭ ‬الذي‭ ‬توارثته‭ ‬الأجيال،‭ ‬وللخصال‭ ‬الحميدة‭ ‬مشاهد‭ ‬الحب‭ ‬والألفة‭ ‬والوئام‭ ‬الذي‭ ‬يغلف‭ ‬به‭ ‬قادتنا‭ ‬مجالسنا،‭ ‬ويثرون‭ ‬به‭ ‬أيامنا‭.‬

إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬محظوظة‭ ‬بقادتها،‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬أمتها،‭ ‬مؤمنة‭ ‬بشعبها؛‭ ‬لذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجلس‭ ‬الحواج‭ ‬الرمضاني‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المجالس‭ ‬إلا‭ ‬غلافا‭ ‬أثيريا‭ ‬يضم‭ ‬من‭ ‬النخب‭ ‬ما‭ ‬تفهم‭ ‬في‭ ‬فنون‭ ‬حفاوة‭ ‬الاستقبال‭ ‬لشخصية‭ ‬بازغة‭ ‬مثل‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬للتلاقي‭ ‬إلا‭ ‬ذلك‭ ‬الشغف‭ ‬لرؤية‭ ‬قائد‭ ‬تربى‭ ‬ونشأ‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬الأصالة‭ ‬بعمقها‭ ‬الحضاري‭ ‬والمعاصرة‭ ‬بزهوها‭ ‬الأممي،‭ ‬والتخطي‭ ‬بمفهومه‭ ‬العبقري‭.‬

ليلة‭ ‬الأحد‭ ‬الماضية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تُنسى،‭ ‬فالذاكرة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬استيعاب‭ ‬المزيد‭ ‬آن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تتجدد‭ ‬كي‭ ‬تستمتع‭ ‬بالأزمنة‭ ‬البحرينية‭ ‬الجميلة،‭ ‬واللقاءات‭ ‬الرمضانية‭ ‬المباركة،‭ ‬والوعي‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬مستحيلا‭ ‬عليه‭ ‬ألا‭ ‬يعصي‭ ‬نعم‭ ‬الله‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى،‭ ‬يصبح‭ ‬لزاما‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يجدد‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسه،‭ ‬فالوطن‭ ‬يتسع‭ ‬لكل‭ ‬مجتهد،‭ ‬ولكل‭ ‬مجتهد‭ ‬ألف‭ ‬نصيب‭ ‬ونصيب‭.‬

سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬برؤيته‭ ‬المشتبكة‭ ‬دائما‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمتغيرات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬وبحسه‭ ‬القيادي‭ ‬المُلهم‭ ‬عودنا‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬أشد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلية،‭ ‬لقد‭ ‬سبقنا‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬البعض‭ ‬مؤسسات‭ ‬وأفرادا،‭ ‬تجاوزنا‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬نحققه،‭ ‬والازدهار‭ ‬المرتقب‭ ‬الذي‭ ‬تخيم‭ ‬أرواحه‭ ‬على‭ ‬المكان‭ ‬والزمان،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬جعلنا‭ ‬نخرج‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬المباركة‭ ‬إلى‭ ‬مجلسنا‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬والعبر‭:‬

اولا‭: ‬تجلى‭ ‬ثقافة‭ ‬الشكر‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬سموه‭ ‬بتوجيه‭ ‬العرفان‭ ‬والتقدير‭ ‬إلى‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولتي‭ ‬الإمارات‭ ‬والكويت‭ ‬على‭ ‬مواقفهم‭ ‬الداعمة‭ ‬لاقتصاد‭ ‬البحرين‭.‬

ثانيا‭: ‬إن‭ ‬أجواء‭ ‬التعايش‭ ‬والتعددية‭ ‬باتت‭ ‬بمثابة‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬الأعظم‭ ‬الذي‭ ‬يمد‭ ‬خطوط‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬وغيرها‭.‬

ثالثا‭: ‬إن‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬ملامحه‭ ‬في‭ ‬التشبث‭ ‬ببعض‭ ‬الأطراف‭ ‬أصبح‭ ‬آفة‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬مقاومتها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتأثر‭ ‬وسطيتنا‭ ‬المعتدلة،‭ ‬ولكي‭ ‬لا‭ ‬يروي‭ ‬يوما‭ ‬عنا‭ ‬أنا‭ ‬كنا‭ ‬ولم‭ ‬نكن‭.‬

رابعا‭: ‬الازدهار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬نتمناه،‭ ‬آن‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نضعه‭ ‬في‭ ‬الاعتبار،‭ ‬حيث‭ ‬الأحلام‭ ‬لا‭ ‬تولد‭ ‬في‭ ‬الخلاء،‭ ‬والأمال‭ ‬لا‭ ‬تتوالد‭ ‬جزافا‭ ‬بلا‭ ‬ملامح‭ ‬أو‭ ‬آلاء،‭ ‬والحقائق‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬سوى‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬وما‭ ‬خفى‭ ‬كان‭ ‬أعظم‭.‬