اختبار ثقة للقانون الدولي (2)

| سالم الكتبي

إن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإماراتية‭ ‬أثبتت‭ ‬في‭ ‬تعاملها‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬عمق‭ ‬إيمانها‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬حيث‭ ‬تحلت‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬والكياسة‭ ‬وضبط‭ ‬النفس،‭ ‬ولم‭ ‬تنجرف‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬أراد‭ ‬مدبرو‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أشك‭ ‬لحظة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬لها‭ ‬رسم‭ ‬لنفسه‭ ‬سيناريو‭ ‬حاول‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬استدراج‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬انفعالي‭ ‬يتم‭ ‬توظيفه‭ ‬لإشعال‭ ‬حريق‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬سوى‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬المتهورة‭ ‬كي‭ ‬تنزلق‭ ‬الأوضاع‭ ‬المتوترة‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تحمد‭ ‬عقباه‭.‬

في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬والأزمات‭ ‬يثبت‭ ‬القادة‭ ‬وتؤكد‭ ‬الدول‭ ‬مدى‭ ‬نضجها‭ ‬السياسي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الاستفزازات‭ ‬المتعمدة،‭ ‬فالكل‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتربص‭ ‬بالانطلاقة‭ ‬التنموية‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬إعادة‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬ولكن‭ ‬خاب‭ ‬ظن‭ ‬هؤلاء‭ ‬جميعاً‭ ‬بمعالجة‭ ‬حكيمة‭ ‬ورشيدة‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬أجندة‭ ‬تنموية‭ ‬طموحة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تخضعها‭ ‬لأهواء‭ ‬المغامرين‭ ‬والحاقدين،‭ ‬وأن‭ ‬إدارة‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬تتطلب‭ ‬مهارة‭ ‬لا‭ ‬يمتلكها‭ ‬المغامرون‭.‬

 

الكرة‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬ملعب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والمنظمات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬تنفيذه‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬التحقيقات‭ ‬الجارية‭ ‬الآن‭ ‬بشأن‭ ‬حادث‭ ‬استهداف‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬ستكشف‭ ‬المتورطين،‭ ‬وقد‭ ‬تعهدت‭ ‬الإمارات‭ ‬بإعلان‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬التحقيقات‭ ‬بشفافية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬يمسك‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬ويضع‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬نصابها،‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬الهيبة‭ ‬للقوانين‭ ‬والمواثيق‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية،‭ ‬لأن‭ ‬أي‭ ‬تهاون‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬سيغري‭ ‬آخرين‭ ‬بتكرار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم،‭ ‬وستتحول‭ ‬رحلات‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬وناقلات‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬مغامرات‭ ‬غير‭ ‬مأمونة‭ ‬العواقب،‭ ‬ويستعيد‭ ‬العالم‭ ‬تاريخ‭ ‬حقب‭ ‬سيئة‭ ‬من‭ ‬القرصنة‭ ‬وعصابات‭ ‬الإجرام،‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬حتماً‭ ‬أخطر‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬قرون‭ ‬سابقة‭ ‬بمراحل،‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬أنظمة‭ ‬ودولا‭ ‬باتت‭ ‬تمول‭ ‬الفوضى‭ ‬والإرهاب‭ ‬والاضطرابات‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬رقيب‭!. ‬“إيلاف”‭.‬