360 درجة

الكلمة والنقد البناء

| أيمن همام

ما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬فيما‭ ‬تحمله‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسببه‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬طيب‭ ‬أو‭ ‬خبيث،‭ ‬فهي‭ ‬سلاح‭ ‬ذو‭ ‬حدين،‭ ‬ورب‭ ‬كلمة‭ ‬داوت‭ ‬جراحا‭ ‬ورب‭ ‬كلمة‭ ‬ألهبتها‭. ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬يكون‭ ‬الصمت‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الكلام،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬موزون‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬المقصد‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬ورائه‭.‬

في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬ألسن‭ ‬مسؤولين‭ ‬كلمات‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬توصف‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬موفقة‭. ‬من‭ ‬يتابع‭ ‬سلسلة‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬وما‭ ‬تبعها‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬سيلحظ‭ ‬أنها‭ ‬فجرت‭ ‬شحنة‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬السلبية‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬يهوون‭ ‬إصدار‭ ‬الأحكام‭ ‬الصارمة‭ ‬بلا‭ ‬هوادة،‭ ‬كما‭ ‬استغلها‭ ‬آخرون‭ ‬للتشكيك‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬المسؤول‭ ‬وربما‭ ‬نزاهته‭.‬

لا‭ ‬توجد‭ ‬وصفة‭ ‬سحرية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستخدمها‭ ‬المسؤول‭ ‬لينتقي‭ ‬كلماته‭ ‬بعناية‭ ‬ويتمكن‭ ‬عبرها‭ ‬من‭ ‬إيصال‭ ‬رسالته‭ ‬بوضوح،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬فن‭ ‬الخطابة‭ ‬ملكة‭ ‬نادرة‭ ‬لا‭ ‬يقتنيها‭ ‬إلا‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬متحدثا‭ ‬مفوها‭ ‬وآخر‭ ‬متلعثما،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يسترسل‭ ‬بكلماته‭ ‬فتخرج‭ ‬من‭ ‬فيه‭ ‬كالسيمفونية‭ ‬المحكمة‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يتعثر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جملة‭ ‬تقريبا‭.‬

لا‭ ‬ينبغي‭ ‬الانتقاص‭ ‬من‭ ‬المسؤول‭ ‬ومحو‭ ‬إنجازاته‭ ‬أو‭ ‬تأثيره‭ ‬عند‭ ‬زلة‭ ‬لسان،‭ ‬فالأميركيون‭ ‬لم‭ ‬ينقضوا‭ ‬على‭ ‬رئيسهم‭ ‬الأسبق‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬رغم‭ ‬زلاته‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬حدا‭ ‬جعله‭ ‬يسخر‭ ‬من‭ ‬نفسه‭.‬

وفيما‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬كلماته‭ ‬بعناية‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يوجه‭ ‬سهام‭ ‬النقد‭ ‬إليه‭ ‬ألا‭ ‬يتربص‭ ‬له‭ ‬بكل‭ ‬زلة‭ ‬لسان،‭ ‬ليس‭ ‬لأن‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بشر،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬النقد‭ ‬بناء‭ ‬وذا‭ ‬قيمة‭.‬