اختبار ثقة للقانون الدولي (1)

| سالم الكتبي

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬من‭ ‬توترات‭ ‬له‭ ‬أوجه‭ ‬عدة،‭ ‬ولا‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بصراع‭ ‬إرادات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والنظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬لكنه‭ ‬يرتبط‭ ‬بالأساس‭ ‬بمصداقية‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تأسس‭ ‬عليه‭ ‬وبموجبه‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬ومنظماته‭ ‬ومؤسساته‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تدير‭ ‬منظومة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وفق‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الذي‭ ‬وقعت‭ ‬عليه‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬بالمنظمة‭.‬

ويخطئ‭ ‬من‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬استهداف‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬قرب‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬المستمر‭ ‬بإغلاق‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز،‭ ‬أو‭ ‬تحريض‭ ‬الميلشيات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بأعمال‭ ‬بحرية‭ ‬استفزازية،‭ ‬أو‭ ‬استعراض‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬دولية‭ ‬يفترض‭ ‬أنها‭ ‬محكومة‭ ‬بأطر‭ ‬قانونية‭ ‬تنظم‭ ‬العبور‭ ‬وتضع‭ ‬القواعد‭ ‬الدقيقة‭ ‬الضامنة‭ ‬لحقوق‭ ‬الأطراف‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬البحري،‭ ‬يخطئ‭ ‬من‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬تستهدف‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فقط،‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬تمثل‭ ‬انتهاكاً‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتحدياً‭ ‬صارخاً‭ ‬لما‭ ‬استقرت‭ ‬عليه‭ ‬إرادة‭ ‬الأمم‭ ‬والدول‭ ‬المتحضرة‭ ‬منذ‭ ‬نهايات‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬عبر‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الصمت‭ ‬والتردد‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬الحازم‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬التجاوزات‭ ‬الإجرامية‭ ‬هو‭ ‬تفريط‭ ‬بحقوق‭ ‬الدول‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬فالرسائل‭ ‬الخاطئة‭ ‬التي‭ ‬أراد‭ ‬من‭ ‬حرض‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬توصيلها‭ ‬لأطراف‭ ‬معينة‭ ‬هي‭ ‬رسائل‭ ‬تنخر‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬دوامة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬اللا‭ ‬أمن‭ ‬في‭ ‬المعابر‭ ‬البحرية‭ ‬الدولية‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬أم‭ ‬تكرار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬تقوض‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ساد‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬والسنوات‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬ناظمة‭ ‬للملاحة‭ ‬البحرية،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬شريانا‭ ‬رئيسياً‭ ‬تتنفس‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬اقتصادات‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭. ‬“إيلاف”‭.‬