ياسمينيات

الطفل السمكة

| ياسمين خلف

خمس‭ ‬سنوات‭ ‬الآن‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬لا‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬شأنه‭ ‬شأن‭ ‬أقرانه،‭ ‬ممن‭ ‬هم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬أعمارهم،‭ ‬الصف‭ ‬الرابع‭ ‬الابتدائي‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬انتظم‭ ‬فيه،‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أُطلق‭ ‬عليه‭ ‬“الطفل‭ ‬السمكة”،‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬السمكية،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬الأمراض‭ ‬الجلدية‭ ‬النادرة،‭ ‬والذي‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬الجلد‭ ‬بجفاف‭ ‬شديد‭ ‬وتقشرات‭ ‬جلدية‭ ‬واضحة،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬ولون‭ ‬الجلد،‭ ‬وظهور‭ ‬قشور‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬يشبه‭ ‬جلد‭ ‬السمك،‭ ‬والمؤسف‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬علاج‭ ‬نهائي‭ ‬لهذا‭ ‬المرض‭.‬

آمنا‭ ‬بالله،‭ ‬فلا‭ ‬راد‭ ‬لقضائه،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬ما‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ألم،‭ ‬وبالطبع‭ ‬ما‭ ‬يعانيه‭ ‬من‭ ‬نفسية‭ ‬متدهورة‭- ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬قوياً‭ ‬جلداً‭ ‬على‭ ‬نصيبه‭ ‬هذا‭- ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬حقوقه‭ ‬كإنسان،‭ ‬كحقوقه‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليمية،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬ولا‭ ‬الإنسانية‭ ‬أن‭ ‬تصرف‭ ‬له‭ ‬كميات‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬الكريمات‭ ‬المخففة‭ ‬من‭ ‬التقشر‭ ‬وتهيج‭ ‬الجلد‭! ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تصمد‭ ‬حتى‭ ‬للموعد‭ ‬الجديد‭ ‬لاستلام‭ ‬الدفعة‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأدوية‭ ‬والذي‭ ‬يتم‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬كل‭ ‬شهر‭. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬قطرات‭ ‬العين‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توفرها‭ ‬له‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بحجة‭ ‬عدم‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬المملكة‭! ‬ألا‭ ‬يمكن‭ ‬استيراد‭ ‬قطرات‭ ‬العين‭ ‬تلك‭ ‬رأفة‭ ‬بهذا‭ ‬الطفل؟‭ ‬ألا‭ ‬يوجد‭ ‬بديل‭ ‬عنها؟

كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬طفل‭ ‬بعمره‭ ‬هذا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬حقه‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬والمراجعات‭ ‬السنوية‭ ‬من‭ ‬والدته‭ ‬للمدرسة‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬اتصال‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬يفيد‭ ‬بإلزامية‭ ‬انتظامه‭ ‬بالمدرسة،‭ ‬باعتبار‭ ‬عدم‭ ‬انتظام‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬مخالفة‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬الآباء‭. ‬نعم‭ ‬“الطفل‭ ‬السمكة”‭ ‬له‭ ‬ظروف‭ ‬خاصة،‭ ‬وخاصة‭ ‬جداً،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يمسك‭ ‬القلم‭ ‬لتشوه‭ ‬في‭ ‬أصابعه‭ ‬نتيجة‭ ‬المرض،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حرارة‭ ‬الشمس‭ ‬المرتفعة‭ ‬لا‭ ‬يحتملها‭ ‬جلده‭ ‬المقشر،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬كحالة‭ ‬إنسانية‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬له‭ ‬الدراسة‭ ‬المنزلية،‭ ‬كأن‭ ‬تعهد‭ ‬إليه‭ ‬بمدرس‭ ‬يزوره‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬ليتابع‭ ‬معه‭ ‬تعليمه،‭ ‬ليقدم‭ ‬امتحاناته‭ ‬كأقرانه‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬دراسية،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬هكذا‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬مدرسة‭ ‬وتعليم‭. ‬

ياسمينة‭:

‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬“الطفل‭ ‬السمكة”‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬العلاج،‭ ‬وحقه‭ ‬في‭ ‬التعلم‭.‬