فن البروتوكول

| زهير توفيقي

حضرت‭ ‬كغيري‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬والغبقات‭ ‬الرمضانية‭ ‬التي‭ ‬أقامتها‭ ‬الجمعيات‭ ‬الأهلية‭ ‬والمهنية‭ ‬والخيرية‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الغبقات‭ ‬مناسبة‭ ‬اجتماعيّة‭ ‬جميلة‭ ‬للالتقاء‭ ‬بالناس‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬الكريم‭. ‬يُدرك‭ ‬الجميع‭ ‬بأن‭ ‬تنظيم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمسيات‭ ‬الرمضانية‭ ‬أمر‭ ‬مكلف‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ميزانية‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يتطلبه‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬تنظيمية‭ ‬ولوجستية‭ ‬كبيرة،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الغبقات‭ ‬يستحقون‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬والامتنان‭.‬

لي‭ ‬تعليق‭ ‬بسيط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬فإنه‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الهدف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬النبيل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجمعات،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬برأيي‭ ‬ومع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬لا‭ ‬ترتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الحدث،‭ ‬فهناك‭ ‬قصور‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬ينبغي‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬به،‭ ‬إذ‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬لا‭ ‬يرتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الحد،‭ ‬تحليلي‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬تلك‭ ‬الجمعيات‭ ‬لا‭ ‬تلجأ‭ ‬للعمل‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬منظم،‭ ‬حيث‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الفعالية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مهمة‭ ‬تطوعية‭ ‬لذلك‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬يُبذل‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاهتمام،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬جهة‭ ‬للمحاسبة‭ ‬والرقابة‭.‬

هذا‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬تفكير‭ ‬خاطئ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القبول‭ ‬به‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ (‬إن‭ ‬الله‭ ‬يحب‭ ‬إذا‭ ‬عمل‭ ‬أحدكم‭ ‬عملاً‭ ‬أن‭ ‬يتقنه‭)‬،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬قرّر‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬الترشّح‭ ‬للجمعيات‭ ‬المذكورة‭ ‬فإن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أهلاً‭ ‬للمسؤوليات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬المنصب‭. ‬ولعلّ‭ ‬من‭ ‬الجيّد‭ ‬التأكيد‭ ‬هنا‭ ‬بأن‭ ‬التنظيم‭ ‬الجيد‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالميزانيات‭ ‬المرصودة‭ ‬كما‭ ‬يدّعي‭ ‬البعض،‭ ‬والدليل‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الفعاليات‭ ‬تُقام‭ ‬في‭ ‬فنادق‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬“خمس‭ ‬نجوم”‭ !‬

إن‭ ‬التنظيم‭ ‬الجيد‭ ‬والمتقن‭ ‬يعكس‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬سمعة‭ ‬الجمعية،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬دعوة‭ ‬كبار‭ ‬الضيوف‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬ورجال‭ ‬السلك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والمسؤولين‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬وكذلك‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬اتبّاع‭ ‬البروتوكول‭ ‬الخاص‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬التخبّط‭ ‬سمّة‭ ‬تلك‭ ‬الفعاليات،‭ ‬وبشهادة‭ ‬الحضور‭. ‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬برامج‭ ‬الفعاليات‭ ‬منوعّة‭ ‬وشيقّة،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬الفقرات‭ ‬جاذبّة‭ ‬للحضور‭ ‬عوضاً‭ ‬عن‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬السحب‭ ‬على‭ ‬الجوائز‭ ‬طوال‭ ‬وقت‭ ‬الاحتفاليّة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬السحب‭ ‬على‭ ‬الجوائز‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬بصورة‭ ‬صحيحة‭ ‬تليق‭ ‬بالمناسبة‭ ‬والحضور،‭ ‬فقد‭ ‬خصّصت‭ ‬إحدى‭ ‬الجمعيات‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الفعاليات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬‮٢٠٠‬‭ ‬جائزة،‭ ‬لكن‭ ‬يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬جوائز،‭ ‬إنها‭ ‬حتى‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تصلح‭ ‬لتلاميذ‭ ‬في‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬بدون‭ ‬مبالغة‭.‬

آمل‭ ‬بحق‭ ‬أن‭ ‬يتقبل‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الجمعيات‭ ‬تحفظاتي‭ ‬ونقدي‭ ‬الهادف،‭ ‬فليست‭ ‬لي‭ ‬أية‭ ‬مصلحة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬سمعة‭ ‬وطني‭ ‬الغالي‭ ‬أولا‭ ‬وجمعياته‭ ‬ثانياً،‭ ‬كما‭ ‬أود‭ ‬التأكيد‭ ‬بأنه‭ ‬لولا‭ ‬محبتي‭ ‬لهم‭ ‬وتقديري‭ ‬لما‭ ‬سلّطت‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬السلبيات‭. ‬

يجب‭ ‬علينا‭ ‬جميعاً‭ ‬أن‭ ‬نلتزم‭ ‬الصدق‭ ‬وأن‭ ‬نضع‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬اعتبار،‭ ‬فبهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬يمكننا‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالعمل‭ ‬وتحقيق‭ ‬التميّز،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭.‬