فجر جديد

خيركم أنفعكم للناس

| إبراهيم النهام

من‭ ‬السمات‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬الطيب،‭ ‬عمل‭ ‬الخير،‭ ‬والسعي‭ ‬له،‭ ‬وهي‭ ‬صفة‭ ‬نبيلة‭ ‬قائمة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة،‭ ‬ضرب‭ ‬فيها‭ ‬البحرينيون‭ ‬الأمثلة‭ ‬والشواهد‭ ‬الحميدة‭ ‬بمساعدة‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة‭ ‬والمكلومة‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬الوطن‭ ‬وخارجه‭ ‬أيضا‭.‬

وأستذكر‭ ‬بسياق‭ ‬هذا‭ ‬الحديث،‭ ‬بأن‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬أخيرا‭ ‬إنه‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬توزيع‭ (‬سقيا‭ ‬الماء‭) ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬يومي‭ ‬على‭ ‬عمال‭ ‬شركات‭ ‬الحفر‭ ‬والتنقيب‭ ‬والنظافة‭ ‬بالشوارع‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬خارج‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬بالطبع‭.‬

‭ ‬ويزيد‭ ‬“أهتم‭ ‬بذلك‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الظهيرة‭ ‬تحديدا،‭ ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬عالية،‭ ‬مصطحبا‭ ‬أطفالي‭ ‬معي،‭ ‬حيث‭ ‬أعطيهم‭ (‬قنينات‭) ‬المياه‭ ‬الباردة؛‭ ‬ليوزعوها‭ ‬عبر‭ ‬نافذة‭ ‬السيارة‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الكادحين،‭ ‬وأغرس‭ ‬فيهم‭ ‬هذا‭ ‬الواجب‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭. ‬إنه‭ ‬لأمر‭ ‬عظيم‭ ‬أن‭ ‬تطفئ‭ ‬عطش‭ ‬فقير،‭ ‬أو‭ ‬عاملا‭ ‬مجهدا،‭ ‬بجرعة‭ ‬ماء‭ ‬باردة،‭ ‬سقيا‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬الأجور”‭.‬

آخر‭ ‬يقول،‭ ‬يحرص‭ ‬والدي‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬وعشرين‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬نثر‭ ‬الأرز‭ ‬وفتات‭ ‬الخبز‭ ‬في‭ ‬براحة‭ ‬رملية‭ ‬خلف‭ ‬منزلنا،‭ ‬للطيور‭ ‬والحمام‭ ‬والعصافير،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتصور‭ ‬مشهد‭ ‬هذه‭ ‬الساحة‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬الفجر،‭ ‬حيث‭ ‬تُغطى‭ ‬بالمئات‭ ‬منها،‭ ‬ويوصينا‭ ‬والدي‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬بألا‭ ‬نقطع‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬الخيرة‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬مماته،‭ ‬وسنفعل‭.‬

ثالث‭ ‬يقول،‭ ‬يحمل‭ ‬أخي‭ ‬الأكبر‭ ‬معه‭ ‬مكنسة‭ ‬كهربائية‭ ‬بصندوق‭ ‬سيارته،‭ ‬بعادة‭ ‬تلازمه‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬حيث‭ ‬يزور‭ ‬المساجد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عصرية،‭ ‬ويقوم‭ ‬بكنسها‭ ‬وتنظيفها‭ ‬لوحده‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تجاوزه‭ ‬الستة‭ ‬وخمسين‭ ‬عاما‭.‬

رابع‭ ‬يقول،‭ ‬والدي‭ ‬يزور‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة‭ ‬بنفسه‭ ‬منذ‭ ‬قرابة‭ ‬العشرين‭ ‬عاما،‭ ‬يطرق‭ ‬عليهم‭ ‬الأبواب،‭ ‬ويقدم‭ ‬المساعدات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬عديدة،‭ ‬فهو‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬بسمعة‭ ‬حسنة،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬حسنة،‭ ‬ولقد‭ ‬ساعدته‭ ‬علاقاته‭ ‬الكثيفة‭ ‬أثناء‭ ‬عمله‭ ‬السابق‭ ‬بأحد‭ ‬البنوك‭ ‬الإسلامية؛‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ (‬لوبي‭) ‬علاقات‭ ‬خير،‭ ‬هدفها‭ ‬توجيه‭ ‬المساعدات‭ ‬لمستحقيها‭ ‬الحقيقيين‭.‬

ويزيد‭ ‬“في‭ ‬رمضان،‭ ‬لا‭ ‬نراه‭ ‬معنا‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الفطور‭ ‬إلا‭ ‬بأيام‭ ‬قليلة،‭ ‬حيث‭ ‬يفطر‭ ‬بغالب‭ ‬الأيام‭ ‬بالسيارة،‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬حبات‭ ‬التمر،‭ ‬وهو‭ ‬منشغل‭ ‬بزيارة‭ ‬هذه‭ ‬الأسرة‭ ‬وتلك”‭.‬

هذه‭ ‬الشواهد‭ ‬كلها،‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬وأهلها‭ ‬الطيبين،‭ ‬الذين‭ ‬وإن‭ ‬ضاقت‭ ‬عليهم‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وتكالبت،‭ ‬وجثمت،‭ ‬يظلون‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬ممن‭ ‬يقتدي‭ ‬بحديث‭ ‬النبي‭ (‬ص‭) ‬بأن‭ (‬أحب‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬أنفعهم‭ ‬للناس‭).‬