ستة على ستة

حدود التصعيد بين واشنطن وطهران

| عطا السيد الشعراوي

عجت‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬بالتصريحات‭ ‬والمواقف‭ ‬المتناقضة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬وإيران،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أكدت‭ ‬فيه‭ ‬المتحدثة‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬سارة‭ ‬ساندرز‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬حربا‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬خوض‭ ‬حرب‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع،‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬آخر،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تركت‭ ‬الباب‭ ‬مفتوحا‭ ‬لاحتمالات‭ ‬أخرى‭ ‬بإشارتها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬متمسكا‭ ‬بالموقف‭ ‬الأميركي‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬توضح‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬لتبقي‭ ‬على‭ ‬التخمينات‭ ‬والتكهنات‭ ‬على‭ ‬سعتها‭ ‬لكل‭ ‬السيناريوهات‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬اتخذت‭ ‬فيه‭ ‬واشنطن‭ ‬خطوات‭ ‬تصعيدية‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬توحي‭ ‬بقرب‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬وخصوصا‭ ‬مع‭ ‬تهديدات‭ ‬إيران‭ ‬بإغلاق‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬قيام‭ ‬واشنطن‭ ‬بنشر‭ ‬حاملة‭ ‬طائرات‭ ‬وسفن‭ ‬قاذفة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ثم‭ ‬إعلان‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الذكرى‭ ‬السنوية‭ ‬الأولى‭ ‬لانسحاب‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬المبرم‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬ضد‭ ‬صناعات‭ ‬الحديد‭ ‬والصلب‭ ‬والألمنيوم‭ ‬والنحاس‭ ‬الإيرانية،‭ ‬مهددا‭ ‬بعقوبات‭ ‬إضافية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تغيّر‭ ‬إيران‭ ‬سلوكها‭ ‬بشكل‭ ‬جذري‭.‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬بالمقابل،‭ ‬تزامنت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬مع‭ ‬تصريحات‭ ‬تبعد‭ ‬الوصول‭ ‬بسقف‭ ‬التوقعات‭ ‬إلى‭ ‬وقوع‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬برايان‭ ‬هوك،‭ ‬الممثل‭ ‬الأميركي‭ ‬الخاص‭ ‬لإيران،‭ ‬إن‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬أو‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬سيُقابل‭ ‬بالقوة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬“لا‭ ‬نريد‭ ‬حربا‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬لكننا‭ ‬سنواصل‭ ‬ممارسة‭ ‬أقصى‭ ‬ضغط‭ ‬ممكن‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬سلوكها”،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬حاملة‭ ‬الطائرات‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الاحتياط‭ ‬والتحسب‭ ‬للفعل‭ ‬الإيراني‭.‬

الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬نفسه‭ ‬وهو‭ ‬يعلن‭ ‬العقوبات‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬أبدى‭ ‬رغبته‭ ‬بالتفاوض‭ ‬مع‭ ‬الإيرانيين،‭ ‬قائلا‭: ‬“أتطلع‭ ‬إلى‭ ‬لقاء‭ ‬قادة‭ ‬إيران‭ ‬يوما‭ ‬ما؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصّل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ (‬نووي‭ ‬جديد‭) ‬وإلى‭ ‬“اتّخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬تعطي‭ ‬إيران‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬تستحق”‭.‬

بظني‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬لترامب‭ ‬رسم‭ ‬معادلة‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬وكشف‭ ‬أن‭ ‬سيناريو‭ ‬الحرب‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة،‭ ‬وأن‭ ‬الضغوط‭ ‬المتتالية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬ترامب‭ ‬ويجعل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مستفيدا‭ ‬مهما‭ ‬منه‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬شاهد‭ ‬عليه‭ ‬وراع‭ ‬له‭.‬

 

“الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬حملت‭ ‬تصريحات‭ ‬ومواقف‭ ‬متناقضة‭ ‬تركت‭ ‬الباب‭ ‬مفتوحا‭ ‬لكل‭ ‬السيناريوهات”‭.‬