مواقف إدارية

المحفظة الفارغة أفضل من ...

| أحمد البحر

كنت وأحد الزملاء في انتظار بدء المحاضرة التالية حين تقدّم نحونا شاب أنيق وبأسلوب راق، قال مخاطبًا زميلي: هل تعرفني أستاذي؟ أنا على يقين بأنك لم تنسني رغم مرور الوقت الطويل وما تركه من آثار على ملامحنا!. شاهدت الحيرة والحرج على ملامح الزميل وكأن الشاب قد لحظ ذلك أيضًا فبادر قائلاً: أنا اسمي محمد... وقد بدأت العمل معك في وظيفة مراسل بعد أن أقنعتني بأن هذه الوظيفة ستكون بالنسبة لي المحطة الأولى، ويمكنني التقدم إذا واصلت الدراسة، فأنا لم أكن وقتذاك قد أنهيت المرحلة الثانوية بعد. وأذكر أني أبديت لك عدم اهتمامي بالدراسة وقلت لك وما زلت أذكر ما قلته حرفيًّا: إن مشكلتي ليست الشهادة يا أستاذ وإنما المشكلة هي هذه المحفظة الفارغة! هنا تذكّر الزميل ذلك الشاب فقال له باسمًا: وهل تذكر ما قلته لك آنذاك؟ أقصد المثل القديم؟. احمرّ وجه الشاب خجلاً وردّ قائلاً: وهل أقدر على نسيان ذلك!. إنه لا يزال محفورًا في ذاكرتي، بل أصبح الحافز والتحدي للوصول للأفضل دائمًا. لقد قلت لي وبهدوئك المعهود: يا بني المحفظة الفارغة أفضل من العقل الفارغ، هكذا يقول المثل الألماني القديم وهو يعني الكثير فاحرص على إكمال دراستك وكن مستعدًّا، فالفرصة قد تأتي في أي وقت. ابتسم الزميل وسأل الشاب عن وضعه المهني، وبحماس غير عادي أجاب: أنا الآن رئيس قسم في إحدى المؤسسات الاقتصادية، وقد أكملت دراستي الجامعية الآن وعلق ضاحكًا وهو يصافحنا بحرارة: تأكّد أستاذي بأن العقل لن يظل فارغًا أبدًا، فكلما امتلأ هو ازداد وزن المحفظة أليس كذلك أستاذي؟! يقول جون سي ماكسويل:...’’وأفضل الكشوفات كلها هي أننا لن نتطوّر غدًا ما لم نتحرّك اليوم‘‘. ما رأيك سيدي القارئ؟.