مواقف إدارية

أين‭ ‬هي‭ ‬المشكلة؟‭!‬

| أحمد البحر

خلال‭ ‬المقابلة‭ ‬الشخصية‭ ‬سألت‭ ‬الشاب‭: ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬الانتظار‭ ‬ووجدت‭ ‬أمامك‭ ‬3‭ ‬مطبوعات‭ ‬في‭ ‬تخصصات‭ ‬مختلفة،‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والثانية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والثالثة‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬فعاليات‭ ‬وأخبار‭ ‬المجتمع،‭ ‬ماذا‭ ‬سيكون‭ ‬اختيارك؟‭ ‬أجابني‭ ‬الشاب‭: ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬السياسة‭ ‬تعني‭ ‬الولاء‭ ‬والحب‭ ‬لبلادي‭ ‬وقادتها‭ ‬فأنا‭ ‬أعشق‭ ‬السياسة،‭ ‬أما‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬فهي‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬اهتمامي،‭ ‬وبصراحة‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬الانتظار‭ ‬لديكم‭ ‬بعض‭ ‬المطبوعات‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يرق‭ ‬لي‭ ‬أي‭ ‬منها‭! ‬

سألته‭ ‬عن‭ ‬موضوع‭ ‬اهتماماته‭ ‬فأجاب‭ ‬على‭ ‬الفور‭: ‬التكنولوجيا‭ ‬سيدي،‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬أنا‭ ‬مولع‭ ‬بشيء‭ ‬اسمه‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات،‭ ‬فهذا‭ ‬مجال‭ ‬تخصصي‭ ‬وقراءاتي‭ ‬وأراها‭ ‬مستقبلي‭ ‬المهني‭.‬

أعجبت‭ ‬بالشاب‭ ‬وثقته‭ ‬بنفسه،‭ ‬فهو‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬وكيف‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مبتغاه‭. ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬أخبرني‭ ‬مسؤوله‭ ‬المباشر‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬الشاب‭ ‬قد‭ ‬تقدم‭ ‬باستقالته‭ ‬من‭ ‬العمل‭. ‬لم‭ ‬أستغرب‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬متوقعا‭ ‬ذلك‭. ‬سألت‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬فأجابني‭ ‬بأن‭ ‬الشاب‭ ‬مشاغب‭ ‬مهنيًا‭! ‬فهو‭ ‬دائم‭ ‬الحركة‭ ‬وقدراته‭ ‬وإبداعاته‭ ‬تفوق‭ ‬كثيرًا‭ ‬متطلبات‭ ‬وظيفته،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬طموحاته‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬سقف‭ ‬لها‭. ‬وتابع‭ ‬المسؤول‭: ‬بصراحة‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬متفوق‭ ‬وبدرجة‭ ‬ملفتة‭ ‬على‭ ‬زملائه‭ ‬في‭ ‬الإنتاجية‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬محل‭ ‬ثقة‭ ‬وإعجاب‭ ‬الجميع‭ ‬ولكنه‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬ملتزم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحايين‭ ‬بالإجراءات‭ ‬واللوائح‭ ‬وأنا‭ ‬كما‭ ‬تعرفني‭ ‬رجل‭ ‬مؤمن‭ ‬إيمانًا‭ ‬راسخًا‭ ‬بالإجراءات‭ ‬واللوائح‭ ‬والأنظمة‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أحيد‭ ‬عنها‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭ ‬لذا‭ ‬أقترح‭ ‬قبول‭ ‬استقالته‭.‬

وعند‭ ‬سؤالي‭ ‬الشاب‭ ‬عن‭ ‬مبررات‭ ‬استقالته‭ ‬أجابني‭ ‬قائلًا‭: ‬إنها‭ ‬الإجراءات‭ ‬المطولة‭ ‬واللوائح‭ ‬الجامدة‭ ‬سيدي‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتخنق‭ ‬الإبداع‭.‬

ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬وأين‭ ‬المشكلة؟