من جديد

انعدام التشخيص!

| د. سمر الأبيوكي

في‭ ‬المشفى‭ ‬الخاص‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬لم‭ ‬تجهد‭ ‬طبيبة‭ ‬الطوارئ‭ ‬نفسها‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬سبب‭ ‬الألم‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بي‭ ‬فجأة‭ ‬وبدأ‭ ‬يتصاعد‭ ‬دون‭ ‬توقف،‭ ‬واكتفت‭ ‬بإعطائي‭ ‬المسكنات‭ ‬وتوصيتي‭ ‬بشرب‭ ‬الماء،‭ ‬وخرجت‭ ‬من‭ ‬عندها‭ ‬أجر‭ ‬ألم‭ ‬المعاناة‭ ‬وخيبة‭ ‬الأمل‭ ‬وفاتورة‭ ‬وقدرُها‭! ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬يومين‭ ‬متصلين‭ ‬لم‭ ‬أغمض‭ ‬فيهما‭ ‬جفناي‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬مشفى‭ ‬آخر‭ ‬يسعفني‭ ‬في‭ ‬حاجتي‭ ‬إلى‭ ‬النوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الألم،‭ ‬48‭ ‬ساعة‭ ‬دون‭ ‬راحة،‭ ‬أمر‭ ‬جلل‭ ‬وكبير‭ ‬كاد‭ ‬يقودني‭ ‬إلى‭ ‬الجنون‭.‬

وصلت‭ ‬إلى‭ ‬المشفى‭ ‬العريق‭ ‬الذي‭ ‬يصنف‭ ‬ضمن‭ ‬أعرق‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬واستقبلني‭ ‬فريق‭ ‬الطوارئ‭ ‬على‭ ‬أهبة‭ ‬الاستعداد،‭ ‬تمتمت‭ ‬للطبيب‭ ‬المتواجد‭ ‬برغبتي‭ ‬في‭ ‬النوم،‭ ‬ولا‭ ‬أعلم‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بعدها‭ ‬فقد‭ ‬استيقظت‭ ‬بعد‭ ‬‮٣‬‭ ‬ساعات‭ ‬وأنا‭ ‬منهكة‭ ‬وتعبة،‭ ‬وعدت‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬الألم‭ ‬واكتشفت‭ ‬أن‭ ‬المستشفى‭ ‬الكبير‭ ‬لم‭ ‬يجر‭ ‬لي‭ ‬أية‭ ‬تحاليل‭ ‬واكتفى‭ ‬بقراءة‭ ‬التاريخ‭ ‬المرضي‭ ‬والاشتباه‭ ‬في‭ ‬تلبك‭ ‬معوي‭ ‬وعليه‭ ‬فقط‭ ‬صرف‭ ‬لي‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬وأوصاني‭ ‬بعدم‭ ‬الأكل‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬وتجنب‭ ‬بعض‭ ‬أصناف‭ ‬الطعام‭.‬

كانت‭ ‬حالتي‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بالاستقرار‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬مع‭ ‬تقلص‭ ‬الألم‭ ‬الذي‭ ‬استفزني‭ ‬لدرجة‭ ‬جعلتني‭ ‬أبحث‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬الطب‭ ‬والتشخيص‭ ‬وانتهيت‭ ‬بأنني‭ ‬مصابة‭ ‬بالتهاب‭ ‬في‭ ‬الزايدة،‭ ‬هاتفت‭ ‬أحد‭ ‬الأطباء‭ ‬وتحدثت‭ ‬معه‭ ‬ووصفت‭ ‬له‭ ‬الحالة‭ ‬وما‭ ‬أرجحه،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬مستغربا‭ ‬وسألني‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬أجريت‭ ‬أية‭ ‬تحاليل‭ ‬أو‭ ‬أشعة‭ ‬أو‭ ‬تردد‭ ‬مغناطيسي‭ ‬خلال‭ ‬نوبات‭ ‬الألم‭ ‬الأخيرة‭ ‬وترددي‭ ‬على‭ ‬المستشفيات،‭ ‬وكانت‭ ‬إجابتي‭ ‬بالنفي،‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬الحضور‭ ‬صائمة‭ ‬وبمجرد‭ ‬إجراء‭ ‬التحاليل‭ ‬والأشعة‭ ‬ثبتت‭ ‬صحة‭ ‬التشخيص‭ ‬وخضعت‭ ‬للعلاج‭ ‬المناسب‭!‬

ومضة‭:‬

أين‭ ‬طبيب‭ ‬التشخيص؟‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬أغلبنا‭ ‬يهدر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬والوقت‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الألم‭ ‬مع‭ ‬زيارات‭ ‬متكررة‭ ‬لبعض‭ ‬الأطباء‭ ‬ممن‭ ‬يخطئون‭ ‬التشخيص‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أهم‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬العلاج‭! ‬الاستخفاف‭ ‬بألم‭ ‬المرضى‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬المرضي‭ ‬للشخص‭ ‬لا‭ ‬يغني‭ ‬أبدا‭ ‬عن‭ ‬الفحص‭ ‬السريري‭ ‬والفحوصات‭ ‬المخبرية‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬تشخيص‭ ‬صحيح‭ ‬قد‭ ‬ينقذنا‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬أعظم‭.‬