تخصيص وقت للطلاب لتنظيف الصفوف والساحات

| أحمد عمران

واقع‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬مدارسنا‭ ‬الحكومية‭ ‬حديث‭ ‬ذو‭ ‬شجون،‭ ‬ولمعرفة‭ ‬ذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الساحات‭ ‬أثناء‭ ‬الفسحة‭ ‬وكيف‭ ‬يتعامل‭ ‬قطاع‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬مع‭ ‬بقايا‭ ‬ومخلفات‭ ‬أطعمتهم،‭ ‬حيث‭ ‬إنهم‭ ‬يقومون‭ ‬بإلقائها‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬دون‭ ‬اكتراث‭ ‬أو‭ ‬مبالاة،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬ينقضي‭ ‬وقت‭ ‬الفسحة‭ ‬تجد‭ ‬الساحات‭ ‬وكأنها‭ ‬مفروشة‭ ‬بالقمامة‭ ‬وبعدها‭ ‬يقوم‭ ‬عمال‭ ‬النظافة‭ ‬بتنظيف‭ ‬ما‭ ‬خلفه‭ ‬الطلاب‭ ‬وهذا‭ ‬يكرس‭ ‬الاتكالية‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬جيل‭ ‬فاقد‭ ‬لقيمة‭ ‬النظافة‭. ‬فلا‭ ‬نستغرب‭ ‬حين‭ ‬نشاهد‭ ‬منظر‭ ‬القمامة‭ ‬في‭ ‬الحدائق‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬قرب‭ ‬السواحل‭ ‬أو‭ ‬الشوارع،‭ ‬فالمدارس‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬زرع‭ ‬هذ‭ ‬الثقافة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬إدارات‭ ‬المدارس‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المعلمين‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬الطلاب‭ ‬وحثهم‭ ‬على‭ ‬النظافة،‭ ‬وللأسف‭ ‬فإن‭ ‬الطلاب‭ ‬لا‭ ‬يلتزمون‭ ‬بأمور‭ ‬النظافة‭ ‬إلا‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬أعين‭ ‬المعلمين‭ ‬حاضرة‭ ‬بينهم‭ ‬وعندما‭ ‬تغيب‭ ‬ينعدم‭ ‬الالتزام‭.‬

لذلك‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬تخصيص‭ ‬وقت‭ ‬محدد‭ ‬للطلبة‭ ‬للقيام‭ ‬بعملية‭ ‬التنظيف‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬مقتصرة‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ألقوه‭ ‬من‭ ‬قمامة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬المدرسة‭ ‬أثناء‭ ‬وقت‭ ‬الفسحة‭ ‬أو‭ ‬داخل‭ ‬الصفوف‭ ‬قبل‭ ‬المغادرة،‭ ‬وقد‭ ‬يعارض‭ ‬بعض‭ ‬الآباء‭ ‬فكرة‭ ‬عملية‭ ‬التنظيف‭ ‬ولكنها‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬الذي‭ ‬سيساهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬النظافة‭ ‬عند‭ ‬الطلاب،‭ ‬لأن‭ ‬الطالب‭ ‬إذا‭ ‬قام‭ ‬بنفسه‭ ‬بعملية‭ ‬التنظيف‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر‭ ‬سترسخ‭ ‬عنده‭ ‬فكرة‭ ‬رمي‭ ‬القمامة‭ ‬في‭ ‬أماكنها‭ ‬المخصصة‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬يثبت‭ ‬في‭ ‬ذهنه‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭. ‬فمشاركة‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬النظافة‭ ‬تعزز‭ ‬روح‭ ‬التعاون‭ ‬وتكسبهم‭ ‬التواضع‭ ‬وتنمي‭ ‬لديهم‭ ‬الإحساس‭ ‬بالمسؤولية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬يمنح‭ ‬الوطن‭ ‬مظهرا‭ ‬حضاريا‭ ‬راقيا‭ ‬يتحدث‭ ‬عنه‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭. ‬

لهذا‭ ‬فإن‭ ‬إلزام‭ ‬الطلبة‭ ‬بذلك‭ ‬تدريب‭ ‬عملي‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬فالشعارات‭ ‬والأحاديث‭ ‬التي‭ ‬تحث‭ ‬على‭ ‬النظافة‭ ‬نجد‭ ‬أغلب‭ ‬الطلاب‭ ‬يرددونها‭ ‬قولا‭ ‬لا‭ ‬فعلا‭ ‬لذلك‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تترجم‭ ‬فيه‭ ‬الأقوال‭ ‬إلى‭ ‬أفعال،‭ ‬وهنا‭ ‬نستذكر‭ ‬تجربة‭ ‬اليابان‭ ‬التي‭ ‬تخصص‭ ‬وقتا‭ ‬للطلبة‭ ‬للقيام‭ ‬بعملية‭ ‬التنظيف‭ ‬وكما‭ ‬تعرفون‭ ‬أن‭ ‬اليابان‭ ‬ليست‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬عمال‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬لكنهم‭ ‬بذلك‭ ‬يعدون‭ ‬جيلاً‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬الممتلكات‭ ‬العامة‭ ‬ويعزز‭ ‬عندهم‭ ‬الشعور‭ ‬بالانتماء‭ ‬والحب‭ ‬للوطن‭.‬