زبدة القول

مقتدى‭ ‬الصدر

| د. بثينة خليفة قاسم

من‭ ‬المدهش‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الخارجية‭ ‬العراقية‭ ‬بمساندة‭ ‬وتأييد‭ ‬مواطن‭ ‬من‭ ‬مواطنيها‭ ‬قام‭ ‬بالإساءة‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬بشكل‭ ‬بالغ،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬رمزا‭ ‬دينيا‭ ‬معينا‭. ‬

العراق‭ ‬تعترض‭ ‬لأنه‭ ‬تم‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬البيان‭ ‬غير‭ ‬المسؤول‭ ‬لمواطن‭ ‬عراقي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البحرين،‭ ‬فهل‭ ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬الشكر‭ ‬للرجل‭ ‬على‭ ‬بيانه‭ ‬الذي‭ ‬أساء‭ ‬فيه؟‭ ‬السيد‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬رمز‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬لدى‭ ‬العراق،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬تعامله‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬التزم‭ ‬بما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬به‭ ‬الرموز‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬تصريحاتهم‭ ‬تجاه‭ ‬الدول،‭ ‬أما‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يمنع‭ ‬أي‭ ‬بحريني‭ ‬من‭ ‬الرد‭ ‬عليه‭ ‬استنادا‭ ‬للقاعدة‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬الجزاء‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬العمل،‭ ‬ولكل‭ ‬فعل‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬مساو‭ ‬في‭ ‬المقدار‭ ‬ومضاد‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭.‬

كون‭ ‬الإنسان‭ ‬رمزا‭ ‬لدى‭ ‬بلده‭ ‬لا‭ ‬يعطيه‭ ‬الحق‭ ‬بأن‭ ‬يقول‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬وقتما‭ ‬يشاء،‭ ‬والبحرين‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬رعايا‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬لكي‭ ‬تصمت‭ ‬عندما‭ ‬يسيء‭ ‬إليها‭ ‬أحد‭ ‬أتباع‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭.‬

مقتدى‭ ‬الصدر‭ - ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬المرجعيات‭ - ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الشأن‭ ‬العراقي‭ ‬ويمكنه‭ ‬أن‭ ‬ينتقد‭ ‬سياسات‭ ‬أو‭ ‬قرارات‭ ‬هناك‭ ‬وأن‭ ‬يتهم‭ ‬أحزابا‭ ‬أو‭ ‬شخصيات‭ ‬عراقية‭ ‬كما‭ ‬يشاء‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬عراقي‭ ‬وعلى‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬صاحب‭ ‬مصلحة‭ ‬أو‭ ‬ممثل‭ ‬لطائفة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬أتباعا‭ ‬ومريدين‭ ‬يعتبرونه‭ ‬رمزا‭ ‬ومرجعا‭ ‬لهم،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بدول‭ ‬أخرى،‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬مرجعا‭ ‬وليس‭ ‬رمزا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيسمع‭ ‬ما‭ ‬يسوؤه‭ ‬إذا‭ ‬أساء‭ ‬لشعوب‭ ‬وحكام‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭.‬

والنتيجة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لتورط‭ ‬رمز‭ ‬ديني‭ ‬في‭ ‬الإساءة‭ ‬لدولة‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ ‬إشعال‭ ‬الفتن‭ ‬بين‭ ‬المذاهب‭ ‬والطوائف‭ ‬لأن‭ ‬أتباعه‭ ‬ومريديه‭ ‬سينجرفون‭ ‬خلفه‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬المساجلات‭ ‬الطائفية‭ ‬الهدامة‭ ‬ويثورون‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬على‭ ‬حق‭. ‬

خلاصة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬تعكير‭ ‬أجواء‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬والعراق‭ ‬هو‭ ‬بيان‭ ‬غير‭ ‬مسؤول‭ ‬ولا‭ ‬يرضاه‭ ‬الدين‭ ‬ولا‭ ‬ترضاه‭ ‬السياسة،‭ ‬والشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يرضينا‭ ‬كبحرينيين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يعتذر‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬بدر‭ ‬منه‭ ‬بحق‭ ‬البحرين‭ ‬وقيادتها‭.‬