ريشة في الهواء

شعور التهديد النفسي!

| أحمد جمعة

ما‭ ‬إن‭ ‬تتحدث‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬أو‭ ‬الأقرباء‭ ‬إلا‭ ‬وشعرت‭ ‬بأنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التهديد،‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬يتعلق‭ ‬بحياته‭ ‬ويومياته‭ ‬وتفاصيل‭ ‬معيشته،‭ ‬حتى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يفترشون‭ ‬الأزهار‭ ‬ويزرعون‭ ‬الحدائق‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الرهاب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬سبباً‭ ‬له‭ ‬سوى‭ ‬أنهم‭ ‬مهددون،‭ ‬ما‭ ‬دفعني‭ ‬للبحث‭ ‬والتساؤل‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬المرافق‭ ‬للكثيرين،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬مهدد‭ ‬بوظيفته‭ ‬وآخر‭ ‬مهدد‭ ‬براتبه‭ ‬أو‭ ‬تقاعده‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬مهدد‭ ‬حتى‭ ‬وهو‭ ‬يدخل‭ ‬مصعد‭ ‬بناية‭ ‬أو‭ ‬ذاهب‭ ‬لمجمع،‭ ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مبرر‭ ‬لهذا‭ ‬الشعور‭ ‬والأمور‭ ‬طبيعية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مجرد‭ ‬التفكير‭ ‬بالأمر‭ ‬يدفع‭ ‬لهذا‭ ‬الإحساس‭.‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬الحياة‭ ‬بالسنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬الأزمات‭ ‬والمحن‭ ‬التي‭ ‬مررنا‭ ‬بها‭ ‬وبعضها‭ ‬قد‭ ‬تجاوزناها‭ ‬كمحنة‭ ‬2011‭ ‬بفضل‭ ‬الشرفاء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬وبعضهم‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬من‭ ‬يعاني‭ ‬هذا‭ ‬التهديد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مجرد‭ ‬الشعور‭ ‬به‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬يدفعني‭ ‬للبحث‭ ‬والتقصي‭ ‬عن‭ ‬جذور‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭ ‬وأسبابها‭ ‬النفسية‭ ‬والمادية‭ ‬ولماذا‭ ‬تلف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬المهددين‭.‬

لاشك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬وأسبابا‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬غير‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬فيها‭ ‬وآمل‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬صدى‭ ‬لدى‭ ‬المسؤولين‭ ‬وخصوصا‭ ‬لدى‭ ‬أولئك‭ ‬المهتمين‭ ‬بمتابعة‭ ‬الدراسات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالمواطنة‭ ‬والجوانب‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬أمور‭ ‬خارجية‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالمؤتمرات‭ ‬العامة‭ ‬والقضايا‭ ‬الخارجية،‭ ‬جدير‭ ‬بهم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الظواهر‭ ‬النفسية‭ ‬ومشاعر‭ ‬الناس‭ ‬ومعاناتهم‭ ‬والبحث‭ ‬بمكنون‭ ‬تفكيرهم‭ ‬لفهم‭ ‬ما‭ ‬يشعرون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬سببها‭ ‬وجود‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬حياتهم‭ ‬المستقرة،‭ ‬لعل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬كثرة‭ ‬التصريحات‭ ‬غير‭ ‬المتزنة‭ ‬والمسؤولة‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬وبعض‭ ‬النواب‭ ‬والشوريين‭ ‬والكتاب‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحياة‭ ‬المعيشية‭ ‬وخصوصا‭ ‬بالفترة‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬نقاشات‭ ‬وحوارات‭ ‬حول‭ ‬التقاعد‭ ‬والضرائب‭ ‬وزيادة‭ ‬الرسوم‭ ‬وترشيد‭ ‬الدعم‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحياة‭ ‬المواطن‭ ‬اليومية‭ ‬وتفاصيل‭ ‬معيشته‭ ‬التي‭ ‬يعتبرها‭ ‬خطا‭ ‬أحمر‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬المساس‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يعرض‭ ‬استقراره‭ ‬المعيشي‭ ‬ويضيق‭ ‬الخناق‭ ‬بحياته‭ ‬الأسرية،‭ ‬لعل‭ ‬تلك‭ ‬النقاشات‭ ‬والتصريحات‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العامين‭ ‬الأخيرين‭ ‬أثرت‭ ‬نفسياً‭ ‬على‭ ‬البعض‭ ‬وزرعت‭ ‬بداخلهم‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬هذه‭ ‬المشاعر‭ ‬بالتهديد‭ ‬المستمر‭ ‬الواقع‭ ‬فيه‭ ‬المواطن‭!‬

أتمنى‭ ‬ألا‭ ‬يستخف‭ ‬بهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬وأن‭ ‬يعالج‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬يستمع‭ ‬لهمسات‭ ‬وتدفق‭ ‬مشاعر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬سيفهم‭ ‬أصواتهم‭ ‬الداخلية‭ ‬الخائفة‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬وسببها‭ ‬الشعور‭ ‬الدائم‭ ‬بالتهديد‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬غامض‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬حتى‭ ‬مصدره‭.‬

تنويرة‭: ‬

لا‭ ‬تقل‭ ‬الحقيقة‭ ‬عندما‭ ‬يعارضها‭ ‬الجميع‭!.‬