الطائفية فِتنـة

| عبدعلي الغسرة

الطائفية‭ ‬فِتنة،‭ ‬فِتنة‭ ‬مُهلِكة‭ ‬قاتلة،‭ ‬فالطائفية‭ ‬تُعيق‭ ‬حركة‭ ‬البناء‭ ‬وتشل‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية،‭ ‬ومحاربتها‭ ‬دعوة‭ ‬وطنية‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإخاء‭ ‬والمساواة‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين‭ ‬دونما‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬تفريق‭ ‬بينهم،‭ ‬ويستخدمها‭ ‬أعداء‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬الطائفيين‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬كورقة‭ ‬لجر‭ ‬البحرين‭ ‬وشعبها‭ ‬إلى‭ ‬دائرة‭ ‬النزاع‭ ‬والاختلاف‭ ‬المناهض‭ ‬للبحرين‭.‬

إن‭ ‬استخدام‭ ‬الطائفية‭ ‬كغطاء‭ ‬اجتماعي‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬لا‭ ‬يتحدد‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬فئة‭ ‬مُعينة‭ ‬دون‭ ‬سواها،‭ ‬ومفاتيحها‭ ‬تكون‭ ‬بمن‭ ‬تُمثل‭ ‬الطائفية‭ ‬تفكيره‭ ‬ومصالحه‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬ثمراتها‭ ‬الفاسدة‭ ‬باستخدامه‭ ‬لمختلف‭ ‬الأساليب‭ ‬والصِيغ‭ ‬من‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وسياسية‭ ‬وثقافية‭ ‬ومهنية‭ ‬وحقوقية‭ ‬تلتقي‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬ومرامي‭ ‬الطائفية‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬النعرة‭ ‬الطائفية‭ ‬وقتل‭ ‬روح‭ ‬التطور‭ ‬وعرقلة‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬خارطة‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭.‬

إن‭ ‬مكافحة‭ ‬الطائفية‭ ‬والوقوف‭ ‬في‭ ‬وجهها‭ ‬خيار‭ ‬استراتيجي‭ ‬وطني‭ ‬لحماية‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬تداعياتها،‭ ‬وحفاظًا‭ ‬على‭ ‬الجغرافية‭ ‬الوطنية‭ ‬للبحرين‭ ‬وسيادتها‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬متنوعة،‭ ‬وإبعاد‭ ‬الطائفية‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬الطاقات‭ ‬والجهود‭ ‬التي‭ ‬تُكرس‭ ‬أهدافها‭ ‬وعملها‭ ‬لنسج‭ ‬الطائفية‭. ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬إبعاد‭ ‬الطائفية‭ ‬من‭ ‬حسابات‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬لأنها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬استبدال‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬بالولاء‭ ‬الطائفي‭. ‬الطائفية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬تيار‭ ‬طائفي‭ ‬ومن‭ ‬ثُم‭ ‬إلهائِه‭ ‬بفعل‭ ‬طائفي‭ ‬ورد‭ ‬طائفي‭ ‬مُغايِر،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬خارطة‭ ‬طائفية‭ ‬يتناثر‭ ‬فيها‭ ‬المواطنون‭ ‬باتجاه‭ ‬مُعاكس‭ ‬يبعدهم‭ ‬عن‭ ‬جوهر‭ ‬قضاياهم‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية‭ ‬وجرهم‭ ‬لانتماءات‭ ‬مغايرة‭ ‬عن‭ ‬مصالحهم‭ ‬الحقيقية‭.‬

لقد‭ ‬أثبت‭ ‬التاريخ‭ ‬الوطني‭ ‬لجميع‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬أن‭ ‬الطائفية‭ ‬فِتنة‭ ‬قاتلة،‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬خليط‭ ‬غير‭ ‬متحد‭ ‬لا‭ ‬وطنيًا‭ ‬ولا‭ ‬قوميًا،‭ ‬وأثرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الأمم‭ ‬وشعوبها‭ ‬المُتطلعة‭ ‬إلى‭ ‬التقدم،‭ ‬فوجودها‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تضييق‭ ‬أهداف‭ ‬الأمة‭ ‬وخلق‭ ‬اصطفاف‭ ‬مُشوَه‭ ‬ومتناقض‭ ‬لطبيعة‭ ‬الأمة‭ ‬ومُغاير‭ ‬لأهدافها‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والتنموية‭ ‬والإنسانية‭. ‬

إن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بما‭ ‬حققته‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية‭ ‬وديمقراطية،‭ ‬ولا‭ ‬يُمثل‭ ‬روح‭ ‬وتاريخ‭ ‬الغرفة‭ ‬العريق‭ ‬الذي‭ ‬التزم‭ ‬طوال‭ ‬سنواته‭ ‬بالفكر‭ ‬الإداري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬وبما‭ ‬حققه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انسجام‭ ‬بين‭ ‬أعضائها‭ ‬واجتماعهم‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬لذا،‭ ‬فإن‭ ‬اختيارنا‭ ‬لمن‭ ‬يُمثلنا‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬فيه‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الخصوصيات‭ ‬المذهبية‭ ‬أو‭ ‬الشخصية‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬الالتزام‭ ‬بالخصوصيات‭ ‬الوطنية‭ ‬الفكرية‭ ‬الواعية‭ ‬العاملة‭ ‬لمصلحة‭ ‬البحرين‭ ‬وخير‭ ‬شعبها‭.‬

إن‭ ‬الطائفية‭ ‬فِتنة‭ ‬قاتلة،‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬خليط‭ ‬غير‭ ‬متحد‭ ‬لا‭ ‬وطنيًا‭ ‬ولا‭ ‬قوميًا،‭ ‬وأثرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الأمم‭ ‬وشعوبها‭ ‬المُتطلعة‭ ‬إلى‭ ‬التقدم‭.‬