قهوة الصباح

مقتدى الصدر وتخريب بارقات الأمل

| سيد ضياء الموسوي

مقتدى‭ ‬أُلبس‭ ‬الزعامة،‭ ‬فظن‭ ‬نفسه‭ ‬زعيما‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الشطط‭ ‬الصدري‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭. ‬وستظل‭ ‬الشعوب‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬هكذا‭ ‬طارئين‭ ‬على‭ ‬الحوزة‭ ‬والمجتمعات‭ ‬والسياسة،‭ ‬فلو‭ ‬قمنا‭ ‬بتفكيك‭ ‬علمي‭ ‬لشخصية‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر،‭ ‬فهو‭ ‬فقير‭ ‬علميا‭ ‬وفقهيا‭ ‬ونحويا،‭ ‬بالأخص‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحوزة‭ ‬والفقه‭ ‬واللغة‭ ‬العربية‭. ‬ولا‭ ‬تحتاج‭ ‬ذكاءً‭ ‬لاكتشاف‭ ‬تكدس‭ ‬الأخطاء‭ ‬في‭ ‬مقابلاته‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬وخطاباته،‭ ‬وهي‭ ‬تعج‭ ‬بالأخطاء‭ ‬النحوية‭ ‬والفقهية،‭ ‬ولأي‭ ‬إنسان‭ ‬يمتلك‭ ‬ولو‭ ‬ألف‭ ‬باء‭ ‬النحو،‭ ‬ويفتح‭ ‬اليوتيوب‭ ‬سيرى‭ ‬العجب‭ ‬العجاب‭. ‬وفي‭ ‬السياسة‭ ‬أشبه‭ ‬بقاذفة‭ ‬بوارج،‭ ‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬أحدا‭ ‬حتى‭ ‬نفسه‭ ‬وحلفاءه،‭ ‬تجده‭ ‬تارة‭ ‬يلعن‭ ‬نفسه‭ ‬ويهددها‭ ‬“بالويل‭ ‬والثبور”‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬وجود‭ ‬اضطراب‭ ‬سيكولوجي‭ ‬تشي‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬لغة‭ ‬الإشارات‭ ‬وطريقة‭ ‬إماءات‭ ‬الوجه‭ ‬ولغة‭ ‬الجسد‭. ‬

إن‭ ‬جئت‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الثقافة‭ ‬والقدرة‭ ‬البيانية‭ ‬والخطاب،‭ ‬فيكاد‭ ‬يكون‭ ‬أضعف‭ ‬زعيم‭ ‬سياسي‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الفصاحة،‭ ‬وحتى‭ ‬مخارج‭ ‬الحروف‭. ‬

وإذا‭ ‬جئت‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدراسة‭ ‬الحوزية،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يكمل‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحوزة،‭ ‬والتي‭ ‬تبتدأ‭ ‬بدراسة‭ ‬شرائع‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬الفقه،‭ ‬وقطر‭ ‬الندى‭ ‬في‭ ‬النحو‭ ‬والتحفة‭ ‬السنية،‭ ‬وإذا‭ ‬جئنا‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬السياسة،‭ ‬فلم‭ ‬يرد‭ ‬إلى‭ ‬سمعنا‭ ‬أنه‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬هارفرد‭ ‬أو‭ ‬إكسفورد‭ ‬أو‭ ‬السوربون‭. ‬

وإذا‭ ‬جئنا‭ ‬للعلوم‭ ‬الأنثروبولوجية‭ (‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭)‬،‭ ‬فالمتتبع‭ ‬لخطابات‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬تفكيكا‭ ‬أو‭ ‬تأصيلا‭ ‬أو‭ ‬أركيولوجيا‭ (‬جذريا‭) ‬يعكس‭ ‬انعدام‭ ‬معرفة‭ ‬لأي‭ ‬علم‭ ‬أنثروبولوجي،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الفلسفة‭ ‬أو‭ ‬السوسيولوجيا‭ (‬علم‭ ‬الاجتماع‭) ‬أو‭ ‬علم‭ ‬النفس‭... ‬إلخ‭. ‬والسؤال‭ ‬كيف‭ ‬نزل‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬إذن‭ ‬ببرشوت‭ ‬الزعيم‭ ‬والمتحدث‭ ‬عن‭ ‬الله،‭ ‬ومالك‭ ‬أختامه،‭ ‬وكيف‭ ‬أعطى‭ ‬لنفسه‭ ‬صلاحية‭ ‬توزيع‭ ‬أوسمة‭ ‬الوطنية،‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬خبز‭ ‬الفقراء،‭ ‬وهو‭ ‬المرفه،‭ ‬وكيف‭ ‬أعطى‭ ‬لنفسه‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬خارطة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬البلدان؟‭ ‬

الإجابة‭ ‬باختصار‭ ‬لعدة‭ ‬عوامل‭ ‬أولا‭: ‬استعان‭ ‬على‭ ‬فقره‭ ‬الحوزوي‭ ‬والثقافي‭ ‬بالاتكاء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ورثه‭ ‬من‭ ‬أبيه‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬شعبية‭ ‬ليس‭ ‬إلا،‭ ‬وورث‭ ‬ذات‭ ‬الجماهير‭ ‬العاطفية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬فتئ‭ ‬يخرجها‭ ‬من‭ ‬محرقة‭ ‬سياسية‭ ‬إلى‭ ‬محرقة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهو‭ ‬المختبئ‭ ‬خلف‭ ‬سياجه‭ ‬الأمني،‭ ‬وسياراته‭ ‬المصفحة‭ ‬ضد‭ ‬الرصاص،‭ ‬وهي‭ ‬بالعشرات‭ (‬شاهد‭ ‬اليوتيوب‭) ‬واحدة‭ ‬منها‭ ‬كفيلة‭ ‬بإشباع‭ ‬ألف‭ ‬عائلة‭ ‬فقيرة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬العراق‭!!! ‬إن‭ ‬نار‭ ‬مقتدى‭ ‬لم‭ ‬تستثن‭ ‬أحدا‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بقعة،‭ ‬فحتى‭ ‬المرجع‭ ‬السيستاني‭ ‬ضاق‭ ‬ذرعا‭ ‬من‭ ‬الهمز‭ ‬واللمز‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬طويل،‭ ‬وإزعاجات‭ ‬مقتدى‭ ‬وجماعته،‭ ‬ومنشورات‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر،‭ ‬وهو‭ ‬يقسم‭ ‬الحوزات‭ ‬إلى‭ ‬“الحوزة‭ ‬الصامتة”،‭ ‬والمقصود‭ ‬بها‭ ‬السيد‭ ‬السيستاني،‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المراجع‭ ‬للانتقاص‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬قبال‭ ‬“الحوزة‭ ‬الناطقة”‭. ‬

إن‭ ‬من‭ ‬يدعو‭ ‬للقانون،‭ ‬وتدخل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬نسي‭ ‬أو‭ ‬تناسى‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والتاريخ‭ ‬لم‭ ‬ينسيا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬بالشهيد‭ ‬السيد‭ ‬مجيد‭ ‬الخوئي،‭ ‬وقتله‭ ‬في‭ ‬الحرم‭ ‬وسحله‭ ‬في‭ ‬الشارع‭!! ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬أكبر‭ ‬عرفان‭ ‬يقدمه‭ ‬مقتدى‭ ‬للمرجع‭ ‬السيد‭ ‬أبو‭ ‬القاسم‭ ‬الخوئي‭ ‬في‭ ‬القتل‭ ‬والتمثيل‭ ‬بابنه‭ ‬العزيز‭ ‬على‭ ‬قلبه؟‭ ‬أهكذا‭ ‬يكرم‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬ولده؟‭ ‬وإن‭ ‬جئنا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬خطاب‭ ‬مقتدى‭ ‬حتى‭ ‬لأنصاره،‭ ‬فبمراجعة‭ ‬خطابات‭ ‬الجمعة‭ ‬ليس‭ ‬لك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬يدك‭ ‬على‭ ‬بطنك‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬الضحك‭ ‬والحزن‭ ‬لترى‭ ‬خطابا‭ ‬مثيرا‭ ‬للشفقة‭ ‬ومدعاة‭ ‬للضحك،‭ ‬فكيف‭ ‬لخطيب‭ ‬يشتم‭ ‬ويسفه‭ ‬ويلعن‭ ‬في‭ ‬جمهوره‭ ‬بهكذا‭ ‬لعن‭ ‬وهم‭ ‬صامتون،‭ ‬وهو‭ ‬يصرخ‭ ‬فيهم‭ ‬“تبا‭ ‬لي‭ ‬ولكم”‭. ‬

وإن‭ ‬جئت‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الغيرة‭ ‬العلمية‭ ‬والتاريخية،‭ ‬فما‭ ‬فتئ‭ ‬مقتدى‭ ‬يغار‭ ‬من‭ ‬آل‭ ‬الحكيم‭ ‬والخوئي،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يوفر‭ ‬موقفا‭ ‬أو‭ ‬كلمة‭ ‬أو‭ ‬خطبة‭ ‬ألا‭ ‬غمز‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬بعيد‭ ‬لإضعافهم‭. ‬إذن‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬مقتدى؟‭ ‬مقتدى‭ ‬صناعة‭ ‬إيرانية‭ ‬بامتياز‭ ‬عملقت‭ ‬في‭ ‬2004‭ ‬كورقة‭ ‬رابحة‭ ‬لضرب‭ ‬وحدة‭ ‬العراق،‭ ‬وصناعة‭ ‬الفتنة،‭ ‬وكذلك‭ ‬للتلويح‭ ‬بها‭ ‬كورقة‭ ‬عند‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬الأمريكان،‭ ‬وكمخرز‭ ‬يستخدم‭ ‬لفقء‭ ‬عين‭ ‬أي‭ ‬ديمقراطية‭ ‬واعدة‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬ورغم‭ ‬قبول‭ ‬مقتدى‭ ‬للاستخدام‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يحاول‭ ‬أحيانا‭ ‬التظاهر‭ ‬بالخروج‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬الطاعة‭ ‬الإيراني،‭ ‬ولو‭ ‬باستقلال‭ ‬جزئي‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يعود‭ ‬مخافة‭ ‬العصا‭ ‬الغليظة،‭ ‬وعدم‭ ‬تفهم‭ ‬حتى‭ ‬هذا‭ ‬الشو‭ ‬الاستقلالي‭. ‬

الصدر‭ ‬لم‭ ‬يوفر‭ ‬بلدا‭ ‬إلا‭ ‬ودس‭ ‬أنفه‭ ‬فيه،‭ ‬فلماذا‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬له‭ ‬موقفا‭ ‬نقديا‭ ‬ولو‭ ‬ناعما‭ ‬لإيران؟‭ ‬فهل‭ ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬جنة‭ ‬الله‭ ‬الموعودة،‭ ‬وفردوس‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتعددية،‭ ‬والحريات‭ ‬الذهبية،‭ ‬وجمهورية‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وحكومة‭ ‬الإصلاح‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬والدنمارك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬ولا‭ ‬نقدا‭ ‬واحدا؟‭ ‬أقول‭ ‬للمجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬بوادر‭ ‬إيجابية‭ ‬لصناعة‭ ‬مناخ‭ ‬انفراج‭ ‬جميل‭ ‬بحريني‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬أيام‭ ‬الميثاق‭ ‬سنجد‭ ‬مواقف‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬للتخريب،‭ ‬وسيعمل‭ ‬الإيرانيون‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مقتدى‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬بتخريب‭ ‬ذلك،‭ ‬فأنا‭ ‬أقول‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خبره‭ ‬ممتدة‭ ‬لـ‭ ‬25‭ ‬عاما‭. ‬فكل‭ ‬بهلوانات‭ ‬الصدر‭ ‬هي‭ ‬محاولات‭ ‬لإجهاض‭ ‬أي‭ ‬سلم‭ ‬أهلي‭ ‬أو‭ ‬وحدة‭ ‬وطنية‭ ‬أو‭ ‬حب‭ ‬مرتفع‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والملك،‭ ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬مباركة‭ ‬موقف‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬من‭ ‬تثبيت‭ ‬جنسيات‭ ‬الـ‭ ‬551‭ ‬محكوما‭ ‬راحوا‭ ‬يشعلون‭ ‬الحرائق‭ ‬بالبيانات‭ ‬لتأزيم‭ ‬البحرين‭ ‬والمنطقة‭. ‬إنهم‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬فرج‭ ‬قد‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬وجع‭ ‬الناس‭ ‬وجراحها‭.‬‭ ‬

أقول‭ ‬للشعب‭ ‬البحريني‭ ‬بكل‭ ‬أطيافه‭: ‬استمروا‭ ‬على‭ ‬موقفكم‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية،‭ ‬والتي‭ ‬تجسدت‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين،‭ ‬واستمروا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬أي‭ ‬خطوة‭ ‬إيجابية‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تقريب‭ ‬الفرج‭ ‬والوئام‭ ‬البحريني‭ ‬وحلحلة‭ ‬الأمور‭. ‬كونوا‭ ‬يقظين‭. ‬سنسعى‭ ‬للأمام‭ ‬والمستقبل،‭ ‬يدا‭ ‬بيد‭ ‬مع‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬وسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وسمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد،‭ ‬والشعب‭ ‬البحريني‭ ‬الأبي،‭ ‬ندافع‭ ‬عن‭ ‬وطننا‭ ‬وسيادته‭. ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬البحرين‭ ‬قيادة‭ ‬وشعبا‭.‬