مواقف إدارية

هذا القلم علمني...

| أحمد البحر

قال‭ ‬محدثي‭: ‬كنت‭ ‬أحتفظ‭ ‬حتى‭ ‬عهد‭ ‬قريب‭ ‬بقلم‭ ‬طالما‭ ‬حرك‭ ‬فضول‭ ‬بعض‭ ‬الزملاء‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬فكثر‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬إصراري‭ ‬وتمسكي‭ ‬به‭ ‬لهذه‭ ‬المدة‭ ‬الطويلة‭ ‬رغم‭ ‬انه‭ ‬قلم‭ ‬عادي‭ ‬جدا‭ ‬وليس‭ ‬به‭ ‬مايميزه‭ ‬عن‭ ‬الأقلام‭ ‬العادية‭ ‬الأخرى‭.‬

‭ ‬تابع‭ ‬محدثي‭ ‬قائلاً‭: ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬كان‭ ‬ذاك‭ ‬القلم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬افقده‭ ‬وافتقده‭ ‬يعني‭ ‬لي‭ ‬الكثير،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يذكرني‭ ‬بسلوكيات‭ ‬مستخدمه‭ ‬وهو‭ ‬احد‭ ‬المسئولين‭ ‬الذين‭ ‬عملت‭ ‬معهم‭ ‬الغريبة‭ ‬وغير‭ ‬المقبولة‭. ‬كان‭ ‬ذاك‭ ‬القلم‭ ‬يمثل‭ ‬لي‭ ‬جرس‭ ‬إنذار‭ ‬ينبهني‭ ‬كلما‭ ‬دنوت‭ ‬من‭ ‬حدود‭ ‬تلك‭ ‬السلوكيات‭ ‬البغيضة‭ ‬لذاك‭ ‬المسئول‭ ‬غير‭ ‬السوي‭ ‬عند‭ ‬تعاملي‭ ‬مع‭ ‬زملائي‭ ‬في‭ ‬العمل‭.‬

‭ ‬سألت‭ ‬محدثي‭ ‬عن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬القلم‭ ‬والمسئول‭ ‬فأجاب‭: ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬المسئول‭ ‬يستخدم‭ ‬ذات‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأقلام‭ ‬والذي‭ ‬قررت‭ ‬عند‭ ‬تسلمي‭ ‬المسئولية‭ ‬أن‭ ‬استخدمه‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬لي‭ ‬الضمير‭ ‬الذي‭ ‬يرشدني‭ ‬الى‭ ‬الدرب‭ ‬الصواب‭ ‬عندما‭ ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬تيار‭ ‬سلطة‭ ‬المنصب‭ ‬يحيدها‭ ‬عن‭ ‬ذاك‭ ‬المسار‭ ‬فأكون‭ ‬نسخة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬المسئول‭. ‬انتهى‭ ‬حديث‭ ‬الزميل‭.‬

‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬المرء‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العملي‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬أو‭ ‬يشاهدها‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الحياة‭ ‬هي‭ ‬عبر‭ ‬ودروس‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬والحكيم‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العبر‭ ‬والدروس‭.‬

‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬السياق‭ ‬يقول‭ ‬جبران‭ ‬خليل‭ ‬جبران‭: ‬لقد‭ ‬تعلمت‭ ‬الصمت‭ ‬من‭ ‬الثرثارين‭ ‬والتسامح‭ ‬من‭ ‬المتعصبين‭ ‬والرحمة‭ ‬من‭ ‬قساة‭ ‬القلوب‭ ‬ولكن‭ ‬الغريب‭ ‬هو‭ ‬إنني‭ ‬اشعر‭ ‬بالامتنان‭ ‬تجاه‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعلمين‭. ‬مارأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟