فجر جديد

هؤلاء يخافون من الصحافي

| إبراهيم النهام

هنالك‭ ‬نظرة‭ ‬خاطئة‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمهنة‭ ‬الصحافي‭ ‬وواجباته‭ ‬والدور‭ ‬الذي‭ ‬يؤديه،‭ ‬وهي‭ ‬نظرة‭ ‬ترتبط‭ ‬بسوء‭ ‬الظن‭ ‬العميق‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬مبررات‭ ‬الاستهداف‭ ‬الشخصي،‭ ‬ومحاولة‭ ‬الإيقاع،‭ ‬والإخراج‭ ‬من‭ ‬المنصب،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ - ‬بالغالب‭ - ‬يخالف‭ ‬الحقيقة،‭ ‬ولا‭ ‬يقربها‭. ‬

فمهمة‭ ‬الصحافي‭ ‬هي‭ ‬الإجهار‭ ‬بالحقيقة،‭ ‬وذكر‭ ‬الوقائع‭ ‬كما‭ ‬هي،‭ ‬بمناقشة‭ ‬واقعية‭ ‬تتضمن‭ ‬تقديم‭ ‬المشاهدات،‭ ‬والشكاوى،‭ ‬وملاحظات‭ ‬الناس،‭ ‬ختامها‭ ‬تقديم‭ ‬الحلول،‭ ‬والنتائج‭ ‬المتوقعة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬ظل‭ ‬الحال‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭.‬

هذه‭ ‬أهم‭ ‬الواجبات‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬الصحافي،‭ ‬وكاتب‭ ‬الرأي،‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬لموضع‭ ‬الخطأ‭ ‬ويكتُب،‭ ‬وأن‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬موضع‭ ‬الصواب‭ ‬ويكتب‭ ‬أيضا،‭ ‬مع‭ ‬خلاف‭ ‬واحد،‭ ‬هو‭ ‬النقد‭ ‬بالأول‭ ‬لهدف‭ ‬التغيير،‭ ‬والإطراء‭ ‬في‭ ‬الثاني؛‭ ‬للثبات‭ ‬ولتشجيع‭ ‬الآخرين‭ ‬عليه،‭ ‬وفق‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭ ‬بأن‭ ‬“الدال‭ ‬على‭ ‬الخير‭ ‬كفاعله”‭.‬

لكن‭ ‬الملاحظ‭ ‬هاهنا،‭ ‬هو‭ ‬مزاجية‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين،‭ ‬وتجاهلهم‭ ‬لما‭ ‬يكتبه‭ ‬الصحافي،‭ ‬رغم‭ ‬صوابه،‭ ‬وهو‭ ‬تجاهل‭ ‬مرفوض؛‭ ‬لأنهم‭ ‬يشغلون‭ ‬مناصب‭ ‬عامة،‭ ‬ترغمهم‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬النزاهة،‭ ‬وشرف‭ ‬المهنة،‭ ‬التجاوب‭ ‬مع‭ ‬الصحافة،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬القناة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تربطهم‭ ‬بالشارع،‭ ‬وبالمواطن‭.‬

هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المغلوط،‭ ‬والمزاجي‭ ‬جدا،‭ ‬يُلزم‭ ‬الدولة‭ ‬بوضع‭ ‬المعايير‭ ‬الصارمة،‭ ‬لكل‭ ‬مسؤول،‭ ‬وصانع‭ ‬قرار،‭ ‬أن‭ ‬يتجاوب‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬المنصات‭ ‬الإعلامية‭ ‬المختلفة،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بشؤون‭ ‬المواطن،‭ ‬وهمومه‭ ‬واحتياجاته،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬بذات‭ ‬الوقت‭ ‬معيار‭ ‬تقييم‭ ‬أداء‭ ‬له،‭ ‬وللجهة‭ ‬نفسها،‭ ‬بدأ‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬الهرم‭ ‬إلى‭ ‬أسفله‭.‬

في‭ ‬البحرين،‭ ‬وبهذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تحديدا،‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬للرجال‭ ‬الحقيقيين،‭ ‬لمن‭ ‬يصنعون‭ ‬الأثر‭ ‬والتغيير،‭ ‬لمن‭ ‬يعول‭ ‬عليهم‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الحياة‭ ‬والمستقبل‭ ‬الجديد‭.‬

فالحال‭ ‬الذي‭ ‬آل‭ ‬إليه‭ ‬الناس‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تضعضع‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي‭ ‬وأسري‭ ‬يتطلب‭ ‬الوقفة‭ ‬الرسمية‭ ‬الجادة‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬الأسباب،‭ ‬والمسببات،‭ ‬والمسببين،‭ ‬بداية‭ ‬التغيير‭ ‬الأول‭ ‬بها‭ ‬“تسكين‭ ‬الشخص‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المناسب”‭.‬

مهنة‭ ‬الصحافي‭ ‬خدمة‭ ‬الناس،‭ ‬وليس‭ ‬“التطبيل”‭ ‬أو‭ ‬“الطبطبة”‭ ‬على‭ ‬الأكتف،‭ ‬والمحاباة،‭ ‬فهي‭ ‬مهنة‭ ‬مُقدسة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُحترم،‭ ‬وأن‭ ‬تُقدر‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬منصة‭ ‬حقيقية‭ ‬للتجاوب‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬الأخرى،‭ ‬يغير‭ ‬خلالها‭ ‬بحزم‭ ‬ما‭ ‬يضر‭ ‬الناس‭ ‬ويُعطل‭ ‬حياتهم‭ ‬ويؤرق‭ ‬يومياتهم‭.‬