أهداف وغايات العقوبات البديلة

| عبدعلي الغسرة

‭ ‬وجه‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬الحكومة‭ ‬المُوقرة‭ ‬بتطبيق‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم،‭ ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإصلاح‭ ‬الذاتي‭ ‬والتهذيب‭ ‬للمحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬وإعادة‭ ‬إدماجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬وأصدر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬قانون‭ ‬رقم‭ (‬18‭) ‬لسنة‭ ‬2017م‭ ‬بشأن‭ ‬تطبيق‭ ‬العقوبات‭ ‬والتدابير‭ ‬البديلة‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬يوليو‭ ‬2017م‭ ‬متضمنًا‭ (‬24‭) ‬مادة‭. ‬

والعقوبة‭ ‬البديلة‭ ‬هي‭ ‬البديل‭ ‬عن‭ ‬العقوبة‭ ‬الأصلية‭ ‬الصادرة‭ ‬بحق‭ ‬المحكوم‭ ‬عليه‭ ‬بالسجن،‭ ‬وتكون‭ ‬عادة‭ (‬إبدال‭ ‬عقوبة‭ ‬السجن‭ ‬بخدمة‭ ‬يؤديها‭ ‬المحكوم‭ ‬عليه‭ ‬لفئة‭ ‬من‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬أو‭ ‬لموقع‭ ‬خيري‭ ‬أو‭ ‬مرفق‭ ‬خدماتي‭)‬،‭ ‬وتفرض‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬دخول‭ ‬المحكوم‭ ‬عليه‭ ‬السجن،‭ ‬ويشمل‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ (‬سبع‭ ‬عقوبات‭) ‬بديلة‭ ‬عن‭ ‬الأحكام‭ ‬الأصلية‭ ‬وهي‭ (‬العمل‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع،‭ ‬الإقامة‭ ‬الجبرية‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬محدَّد،‭ ‬حظْر‭ ‬ارتياد‭ ‬مكان‭ ‬أو‭ ‬أماكن‭ ‬محدَّدة،‭ ‬التعهُّد‭ ‬بعدم‭ ‬التعرُّض‭ ‬أو‭ ‬الاتصال‭ ‬بأشخاص‭ ‬أو‭ ‬جهات‭ ‬معيَّنة،‭ ‬الخضوع‭ ‬للمراقبة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬حضور‭ ‬برامج‭ ‬التأهيل‭ ‬والتدريب،‭ ‬وإصلاح‭ ‬الضَّرر‭ ‬الناشئ‭ ‬عن‭ ‬الجريمة‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬مدة‭ ‬الحُكم‭ (‬من‭ ‬سنة‭ ‬إلى‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭) ‬وفقًا‭ ‬لسلطة‭ ‬القاضي‭ ‬القضائية‭.‬

‭ ‬ويُمثل‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬تطويرًا‭ ‬للمنظومة‭ ‬القضائية‭ ‬والحقوقية‭ ‬ونقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ما‭ ‬يُعزز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الحقوقية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬التدابير‭ ‬والبرامج‭ ‬التأهيلية‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬الشخصية‭ ‬للمحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬الذين‭ ‬يؤمل‭ ‬إصلاحهم‭. ‬ويتمتع‭ ‬القانون‭ ‬بأثر‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭ ‬وتهذيب‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬وحمايتهم‭ ‬من‭ ‬الانحراف‭ ‬مُستقبلًا‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬يتواءم‭ ‬مع‭ (‬الآليات‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الخاصة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬القانون‭ ‬وتحسين‭ ‬ظروف‭ ‬السجن‭ ‬والاحتجاز،‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬لعقوبة‭ ‬السجن‭)‬،‭ ‬ويتوافق‭ ‬مع‭ ‬نهج‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬غرس‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬وتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬والمعاملة‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬وتعزيز‭ ‬انتمائهم‭ ‬لبلادهم‭ ‬بتهيئتهم‭ ‬للعودة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للحياة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بصورة‭ ‬سليمة‭ ‬وصحيحة‭. ‬

إن‭ ‬استبدال‭ ‬تطبيق‭ ‬قانون‭ ‬السجن‭ ‬بثقافة‭ ‬العقوبة‭ ‬البديلة‭ ‬يخدم‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬والمجتمع‭ ‬في‭ ‬آنٍ‭ ‬واحد،‭ ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬عقوبة‭ ‬سالبة‭ ‬للحرية‭ ‬تكون‭ ‬العقوبة‭ ‬بتكيف‭ ‬المحكوم‭ ‬عليه‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬مبدأ‭ ‬الشراكة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمنفعة‭ ‬العامة‭ ‬ويساعد‭ ‬على‭ ‬الترابط‭ ‬الأسري‭ ‬لأسرة‭ ‬المحكوم‭ ‬عليه‭ ‬وتجنبها‭ ‬التفكك‭ ‬الأسري‭ ‬وضياعها‭ ‬بسجن‭ ‬المحكوم‭ ‬عليه،‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التأثيرات‭ ‬النفسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬على‭ ‬الأسرة،‭ ‬وتجنب‭ ‬أية‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬للمحكوم‭ ‬عليه‭ ‬حين‭ ‬إيداعه‭ ‬السجن‭.‬