فجر جديد

هذا‭ ‬“المُتطاول”‭ ‬لا‭ ‬يُمثل‭ ‬مصر

| إبراهيم النهام

تتبعتُ‭ ‬بمضض‭ ‬الأحداث‭ ‬المؤسفة‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬الأول،‭ ‬باجتماع‭ ‬عمومية‭ ‬غرفة‭ ‬التجار،‭ ‬وما‭ ‬تخللها‭ ‬من‭ ‬إساءات‭ ‬مرفوضة‭ ‬من‭ ‬المستشار‭ ‬المصري،‭ ‬بحق‭ ‬من‭ ‬ننظُر‭ ‬لهم‭ ‬باحترام‭ ‬بالغ،‭ ‬كشركاء‭ ‬بهذا‭ ‬الوطن،‭ ‬وكمكون‭ ‬رئيس،‭ ‬له‭ ‬ماله‭ ‬وعليه‭ ‬وما‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬واجبات‭ ‬وحقوق‭.‬

هذه‭ ‬الإساءات‭ ‬والتطاولات،‭ ‬تمثل‭ ‬حالة‭ ‬دخيلة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬المتسامح،‭ ‬لأسباب‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬بالجنسية،‭ ‬أو‭ ‬اللون،‭ ‬أو‭ ‬العقيدة،‭ ‬بقدر‭ ‬الاختيار‭ ‬نفسه،‭ ‬والذي‭ ‬تجاوز‭ ‬مراحل‭ ‬خصبة‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬أساس‭ ‬اختيار‭ ‬المستشارين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬هو‭ ‬الكفاءة،‭ ‬والخبرة،‭ ‬والسمعة‭ ‬الحسنة،‭ ‬وليس‭ ‬الراتب‭ ‬الأقل،‭ ‬والكلفة‭ ‬الأقل،‭ ‬والتزكية‭ ‬المقيتة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يتطلب‭ ‬الوقفة‭ ‬الجادة،‭ ‬والمتفحصة‭.‬

وعودة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬فإن‭ ‬مفتعل‭ ‬هذه‭ ‬الإساءات،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُحاسب‭ ‬بشكل‭ ‬حازم‭ ‬وعلني،‭ ‬تُكاشف‭ ‬به‭ ‬حيثياته‭ ‬للرأي‭ ‬العام،‭ ‬لارتباطها‭ ‬بمحاولات‭ ‬حرف‭ ‬مفاهيم‭ ‬وقيم‭ ‬المجتمع‭ ‬السائدة،‭ ‬واستهداف‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الأهليين‭ ‬فيه،‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬تشطيره،‭ ‬وإذكائه‭ ‬بالخلافات،‭ ‬والنعرات،‭ ‬والقذع‭ ‬في‭ ‬الآخرين‭.‬

يُضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فتح‭ ‬هذه‭ ‬المٌمارسات‭ ‬الأبواب‭ ‬على‭ ‬مصراعيها،‭ ‬لثعابين‭ ‬الليل‭ ‬الزاحفة،‭ ‬لتصب‭ ‬الزيت‭ ‬على‭ ‬النار،‭ ‬وتشعلل‭ ‬الحدث‭ ‬ليخرج‭ ‬عن‭ ‬سياقه‭ ‬المحدود،‭ ‬ليطال‭ ‬أبناء‭ ‬الجالية‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليها‭ ‬هذا‭ ‬المسيء‭ ‬مشككة،‭ ‬ومتهمة،‭ ‬ومتلفظة‭ ‬عليهم،‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬نقبله‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مصري‭ ‬يقيم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

ان‭ ‬المصريون‭ ‬لهم‭ ‬منا‭ ‬كل‭ ‬الحشيمة،‭ ‬والكرامة،‭ ‬والمكانة‭ ‬المقدرة،‭ ‬عرفاناً‭ ‬لدورهم‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الوطن،‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬كثيرة‭ ‬وعديدة،‭ ‬منها‭ ‬قطاعات‭ ‬التعليم،‭ ‬القانون،‭ ‬الطب،‭ ‬التجارة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬ينكره‭ ‬الا‭ ‬جاحد،‭ ‬أو‭ ‬مزيف‭ ‬للحقائق‭.‬

‭ ‬ولن‭ ‬ننسى‭ ‬المرحوم‭ ‬حافظ‭ ‬وهبه،‭ ‬والذي‭ ‬عُين‭ ‬كأول‭ ‬مدير‭ ‬لمدرسة‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية‭ ‬العام‭ ‬1919،‭ ‬كمثال‭ ‬رائع‭ ‬يُشرف‭ ‬مصر‭ ‬وأهلها،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يستعين‭ ‬به‭ ‬الملك‭ ‬عبدالعزيز‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭)‬،‭ ‬وينعم‭ ‬عليه‭ ‬بالجنسية‭ ‬السعودية،‭ ‬ويعينه‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬كأول‭ ‬سفير‭ ‬سعودي‭ ‬في‭ ‬لندن‭.‬

إن‭ ‬الإشكالية‭ ‬الأخرى‭ ‬هنا،‭ ‬بأن‭ ‬هنالك‭ ‬من‭ ‬يتربص‭ ‬الفرصة‭ ‬لكي‭ ‬يتغلغل‭ ‬بخبث‭ ‬إلى‭ ‬الناس،‭ ‬ويثيرهم،‭ ‬ويقلب‭ ‬الأمور‭ ‬رأساً‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬ويضيف،‭ ‬ويغير،‭ ‬بهدف‭ ‬يتخطى‭ ‬السبب‭ ‬الرئيس‭ ‬للحدث‭ ‬نفسه،‭ ‬وليصل‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬العادة،‭ ‬لمحاولات‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬سمعة‭ ‬البحرين،‭ ‬ومن‭ ‬مكانتها‭ ‬بالداخل‭ ‬والخارج‭.‬

إن‭ ‬المستشار‭ ‬المسيء‭ ‬هذا،‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬بإساءاته‭ ‬إلا‭ ‬نفسه،‭ ‬وليس‭ ‬مصر،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬منه‭ ‬ومن‭ ‬شاكلته،‭ ‬مصر‭ ‬التي‭ ‬ذُكرت‭ ‬بالقرآن‭ ‬الكريم‭ ‬خمس‭ ‬مرات،‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬رجالاتها‭ ‬ممن‭ ‬نتشرف‭ ‬بهم‭ ‬هنا،‭ ‬ونقدر‭ ‬لهم‭ ‬تضحياتهم‭ ‬للبحرين‭ ‬وأهلها،‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬صادق،‭ ‬ودؤوب،‭ ‬أساسه‭ ‬الأول‭ ‬دماثة‭ ‬الخُلق،‭ ‬والكلمة‭ ‬الطيبة‭.‬