ومضة قلم

السواحل مورد اقتصادي... ولكن!

| محمد المحفوظ

يبدو‭ ‬أنّ‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موفقا‭ ‬في‭ ‬رفضه‭ ‬مشروعا‭ ‬بقانون‭ ‬بشأن‭ ‬تخصيص‭ ‬نسبة‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬سواحل‭ ‬الجزر‭ ‬الاستثمارية‭ ‬كسواحل‭ ‬عامة،‭ ‬المقترح‭ ‬المحال‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬تخصيص‭ ‬النسبة‭ ‬المذكورة‭ ‬من‭ ‬سواحل‭ ‬الجزر‭ ‬الاستثمارية‭ ‬كسواحل‭ ‬عامة،‭ ‬حيث‭ ‬بناء‭ ‬عليه‭ ‬فإنّ‭ ‬كل‭ ‬مشروع‭ ‬استثماري‭ ‬أو‭ ‬سكني‭ ‬أو‭ ‬صناعي‭ ‬أو‭ ‬تجاري‭ ‬أو‭ ‬عمالي‭ ‬أو‭ ‬خاص‭ ‬يقام‭ ‬على‭ ‬جزيرة‭ ‬صناعية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬سواحل‭ ‬الجزر‭ ‬الطبيعية‭ ‬يخصص‭ ‬خمسون‭ ‬بالمئة‭ ‬منه‭ ‬كسواحل‭ ‬عامة‭. ‬

إننا‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬يبدي‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشتغلين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬تحفظهم‭ ‬بشأن‭ ‬المقترح‭ ‬النيابي‭ ‬حول‭ ‬النسبة‭ ‬المشار‭ ‬إليها،‭ ‬لأنه‭ - ‬طبقا‭ ‬لما‭ ‬زعموا‭-‬‭ ‬يشكل‭ ‬ضررا‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬الاستثمارية‭ ‬والعقارية‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬نظرة‭ ‬العقاريين‭ ‬أحادية،‭ ‬بيد‭ ‬أنّ‭ ‬النظرة‭ ‬الموضوعية‭ ‬تقتضي‭ ‬منا‭ ‬القول‭ ‬إنّ‭ ‬التفريط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المورد‭ ‬الهائل‭ ‬يحرمنا‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ولعل‭ ‬المعضلة‭ ‬الأكبر‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬السواحل‭ ‬العامة‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬سوى‭ ‬3‭ % ‬فقط،‭ ‬أما‭ ‬البقية‭ ‬فإنها‭ ‬أصبحت‭ ‬أملاكا‭ ‬خاصة‭. ‬

العمل‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬السواحل‭ ‬مفتوحة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تأخذ‭ ‬به‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬الساحلية‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬الأمر‭ ‬مقتصرا‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬وحدها،‭ ‬حيث‭ ‬إنّ‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬لتنميته‭ ‬وتطويره‭ ‬فالسياحة‭ ‬صناعة‭ ‬القرن‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬البعض‭ ‬صناعة‭ ‬بلا‭ ‬دخان،‭ ‬وفي‭ ‬بلد‭ ‬صغير‭ ‬كالبحرين‭ ‬محدود‭ ‬الموارد‭ ‬فإنّه‭ ‬لابدّ‭ ‬من‭ ‬تهيئة‭ ‬السواحل‭ ‬بوصفها‭ ‬موردا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬هدرنا‭ ‬الموارد‭ ‬السياحية‭ ‬وتفريطنا‭ ‬بهذه‭ ‬الثروة‭ ‬كبدنا‭ ‬خسائر‭ ‬تقدر‭ ‬بملايين‭ ‬الدنانير‭ ‬سنويا،‭ ‬ووفقا‭ ‬لدراسة‭ ‬أصدرتها‭ ‬شركة‭ ‬سياحية‭ ‬للاستشارات‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬ليست‭ ‬بعيدة‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬الاستغلال‭ ‬للمواقع‭ ‬والمرافق‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬المنامة‭ ‬وحدها‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الـ‭ ‬20‭ % ‬فقط،‭ ‬أي‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬مواقع‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬استغلالها‭ ‬سياحيا‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬هدرا‭ ‬لأهم‭ ‬ثروة‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭. ‬

أليس‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الاستغراب‭ ‬أن‭ ‬مدينة‭ ‬بحجم‭ ‬وأهمية‭ ‬ومكانة‭ ‬المنامة‭ ‬التي‭ ‬اختيرت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014م‭ ‬عاصمة‭ ‬للسياحة‭ ‬الآسيوية‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬بلا‭ ‬خطة‭ ‬لتطوير‭ ‬السياحة‭ ‬حتى‭ ‬الآن؟‭ ‬ألم‭ ‬يكن‭ ‬بوسعنا‭ ‬لو‭ ‬أحسنا‭ ‬إدارة‭ ‬السياحة‭ ‬أن‭ ‬نضاعف‭ ‬أعداد‭ ‬السواح‭ ‬الذين‭ ‬قدروا‭ ‬بمليوني‭ ‬سائح‭ ‬سنويا؟‭.‬