ذرائع

روح التسامح والأسرة الواحدة

| غسان الشهابي

إن‭ ‬القرارين‭ ‬الأخيرين‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ (‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬وتثبيت‭ ‬جنسيات‭ ‬بعد‭ ‬إسقاطها‭) ‬ذكراني‭ ‬بريح‭ ‬الميثاق‭ ‬ونسائمه‭... ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬يعيد‭ ‬نفسه‭ ‬بالكيفية‭ ‬ذاتها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬روح‭ ‬التسامح‭ ‬والأسرة‭ ‬الواحدة‭ ‬التي‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬قلناها‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وروّجنا‭ ‬لأنفسنا‭ ‬كشعب،‭ ‬ومجتمع‭ ‬متعدد‭ ‬متنوّع،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تصدّرت‭ ‬خطاباتنا؛‭ ‬نجد‭ ‬اليوم‭ ‬تطبيقاً‭ ‬لها‭ ‬يمكننا‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نكلف‭ ‬الذاكرة‭ ‬عناء‭ ‬البحث‭.‬

فالبلدان‭ ‬تحتاج‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬والصرامة‭ ‬في‭ ‬تطبيقات‭ ‬القوانين،‭ ‬والعدل‭ ‬والإنصاف‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬لكنها‭ ‬أيضاً‭ ‬تحتاج‭ ‬روح‭ ‬التسامح،‭ ‬فالبلدان،‭ ‬بمن‭ ‬فيها،‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬نسيمات‭ ‬رقيقة‭ ‬تهبّ‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬ترطّب‭ ‬أجواءها،‭ ‬وتعيد‭ ‬اللُحمة‭ ‬الحقيقية‭ ‬إليها،‭ ‬وتبذر‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬التفاؤل‭ ‬والمحبة،‭ ‬كما‭ ‬سادت‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬الألفية،‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬بحريني‭ ‬وعى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬إلا‭ ‬ورأيت‭ ‬عينه‭ ‬ترحل‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬البعيد‭ ‬مستذكراً‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬يتبادلون‭ ‬المحبة‭ ‬والفرح‭ ‬والابتسامة‭ ‬الصافية‭ ‬ترتسم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تكلف‭ ‬على‭ ‬الوجوه،‭ ‬والنوم‭ ‬على‭ ‬آمال،‭ ‬والصحو‭ ‬على‭ ‬مفاجآت‭ ‬غير‭ ‬منتظرة‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬ألا‭ ‬تتكرر‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حصول‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأحكام،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬مؤلم‭ ‬جدا،‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬الحوار‭ ‬المنفتح،‭ ‬والحرية‭ ‬المسؤولة‭ ‬والاحترام‭ ‬كما‭ ‬نشأ‭ ‬شعب‭ ‬البحرين،‭ ‬وكما‭ ‬تشرّب‭ ‬“السّنع”،‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬أن‭ ‬تسمع‭ ‬بعضها،‭ ‬لأننا‭ ‬إن‭ ‬أردنا‭ ‬تطبيقاً‭ ‬حقيقياً‭ ‬وصحيحاً‭ ‬وفعّالاً‭ ‬للمبادرة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬لتعزيز‭ ‬المواطنة،‭ ‬فإن‭ ‬الحوار‭ ‬المشترك‭ ‬والحر‭ ‬والمسؤول،‭ ‬والتحلي‭ ‬بروح‭ ‬المسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬البلد،‭ ‬وغيرها،‭ ‬بعضٌ‭ ‬من‭ ‬مداميك‭ ‬المواطنة‭ ‬حينما‭ ‬يشعر‭ ‬المواطن‭ ‬أنه‭ ‬بقيمة‭ ‬صوته،‭ ‬وأنّ‭ ‬العافية‭ ‬تدبّ‭ ‬في‭ ‬أوصال‭ ‬الوطن‭ ‬نتيجة‭ ‬التدافع‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬حمله‭ ‬حملاً‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬والهرولة‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬الأجمل،‭ ‬التي‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نوغل‭ ‬فيها،‭ ‬ونحن‭ ‬نستحق‭ ‬ذلك‭.‬