جدل‭ ‬“صفقة‭ ‬القرن”‭ (‬1‭)‬

| سالم الكتبي

تزايد‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬محتوى‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ‭ ‬“صفقة‭ ‬القرن”،‭ ‬وازداد‭ ‬الجدل‭ ‬انتشاراً‭ ‬إثر‭ ‬نشر‭ ‬تقارير‭ ‬إعلامية‭ ‬حول‭ ‬بنود‭ ‬محددة‭ ‬تخص‭ ‬قضم‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬أغلب‭ ‬التسريبات‭ ‬الإعلامية‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تعلن‭ ‬قبل‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬المقبل‭.‬

الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬يضع‭ ‬كل‭ ‬رهاناته‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬إتمام‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬انتخابه‭ ‬لولاية‭ ‬رئاسية‭ ‬ثانية،‭ ‬بحسب‭ ‬تصور‭ ‬المحيطين‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬صهره‭ ‬جاريد‭ ‬كوشنر،‭ ‬المسؤول‭ ‬الرئيسي‭ ‬عن‭ ‬الصفقة،‭ ‬الذي‭ ‬خاطبه‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬فترة‭ ‬حكمه‭ ‬قائلا‭ ‬“إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فلن‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد”،‭ ‬حيث‭ ‬يؤمن‭ ‬ترامب‭ ‬بقدرة‭ ‬كوشنر‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬الصفقات،‭ ‬ويتولى‭ ‬مسؤولية‭ ‬الترتيب‭ ‬للصفقة،‭ ‬بجانب‭ ‬كوشنر،‭ ‬جيسون‭ ‬جرنبلات‭ ‬مبعوث‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وديفيد‭ ‬فريدمان‭ ‬السفير‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬

هناك‭ ‬كم‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬التسريبات‭ ‬حول‭ ‬مضمون‭ ‬تلك‭ ‬الخطة،‭ ‬وبعض‭ ‬هذه‭ ‬التسريبات‭ ‬يتناقله‭ ‬مسؤولون‭ ‬سياسيون‭ ‬وباحثون‭ ‬وصحافيون‭ ‬معروفون‭ ‬بمصداقيتهم‭ ‬العالية،‭ ‬لكن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬تنفي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬ما‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬البعض‭ ‬وتتداوله‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية،‭ ‬بينما‭ ‬يؤكد‭ ‬مسؤولون‭ ‬أميركيون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هويتهم،‭ ‬أن‭ ‬للصفقة‭ ‬شقين،‭ ‬أحدهما‭ ‬سياسي‭ ‬والآخر‭ ‬اقتصادي،‭ ‬وأن‭ ‬مضمونها‭ ‬الحقيقي‭ ‬ولاسيما‭ ‬الشق‭ ‬السياسي‭ ‬لم‭ ‬يطلع‭ ‬عليه‭ ‬سوى‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬مسؤولي‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية،‭ ‬وأغلب‭ ‬ما‭ ‬رشح‭ ‬عنها‭ ‬يتعلق‭ ‬بالشق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬فقط،‭ ‬بينما‭ ‬تعمد‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬الصفقة‭ ‬إخفاء‭ ‬بنود‭ ‬الشق‭ ‬السياسي‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬زاروا‭ ‬العاصمة‭ ‬الأميركية‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬الغربية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬استياء‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬إبلاغهم‭ ‬بتفاصيل‭ ‬وملامح‭ ‬تلك‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بدولهم‭.‬

ما‭ ‬يدور‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬أشبه‭ ‬بحملة‭ ‬علاقات‭ ‬عامة‭ ‬لتهيئة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬لتقبل‭ ‬ما‭ ‬توصل‭ ‬إليه‭ ‬كوشنر‭ ‬وفريقه،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬تسريبات‭ ‬إعلامية‭ ‬وسياسية‭ ‬متعمدة‭ ‬وبالونات‭ ‬جس‭ ‬نبض،‭ ‬وتصريحات‭ ‬تفصح‭ ‬وتكشف،‭ ‬وأخرى‭ ‬تنكر‭ ‬وتنفي،‭ ‬باعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬الغموض‭ ‬المتعمد‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬“النفسية”‭ ‬المستهدفة‭ ‬لضمان‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬تأييد‭ ‬للصفقة‭ ‬المزمعة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الغموض‭ ‬جزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬تكتيك‭ ‬الفريق‭ ‬الأميركي‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬كوشنر‭. ‬“إيلاف”‭.‬