ذرائع

المحترم‭ ‬الواثق‭... ‬ لا‭ ‬المرتعد‭ ‬الخائف

| غسان الشهابي

ما‭ ‬إن‭ ‬اطمأننتُ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإشارة‭ ‬المرورية‭ ‬للشارع‭ ‬المقابل‭ ‬صارت‭ ‬حمراء،‭ ‬حتى‭ ‬تحركت‭ ‬بسيارتي،‭ ‬وما‭ ‬كدت‭ ‬أفعل‭ ‬حتى‭ ‬أفاجأ‭ ‬بشاب‭ ‬آسيوي‭ ‬ارتسمت‭ ‬على‭ ‬ملامحه‭ ‬ابتسامة‭ ‬واسعة‭ ‬وهو‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬الشارع‭ ‬وعيناه‭ ‬مسمّرتان‭ ‬في‭ ‬هاتفه‭ ‬الذكي‭... ‬لم‭ ‬يرني‭ ‬حتى‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬أمتار‭ ‬منه،‭ ‬لم‭ ‬يحفل‭ ‬بأيّ‭ ‬شيء،‭ ‬لم‭ ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬حادث‭ ‬ربما‭ ‬كلّفه‭ ‬الكثير‭.‬

هذا‭ ‬الشاب،‭ ‬ومئات‭ ‬الملايين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬يستعملون‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬بشكل‭ ‬خاطئ،‭ ‬وقيل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬عن‭ ‬تحويلها‭ ‬سلوكياتنا‭ ‬ومشاعرنا،‭ ‬عن‭ ‬طريقها‭ ‬وما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حتى‭ ‬قيل‭ ‬إن‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬المستخدم‭ ‬يقارب‭ ‬تأثير‭ ‬متعاطي‭ ‬الكحول‭ ‬في‭ ‬انفصاله‭ ‬عما‭ ‬حوله،‭ ‬والإدراك‭ ‬البليد‭ ‬والمتأخر‭.‬

تزداد‭ ‬الشكوى‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لأنها‭ ‬وراء‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشرور‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬كالتحريض،‭ ‬وخطاب‭ ‬الكراهية،‭ ‬والانحرافات‭ ‬بأنواعها،‭ ‬والسؤال‭ ‬هنا‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬جهة‭ ‬تستطيع‭ ‬ضبط‭ ‬هذه‭ ‬القنوات،‭ ‬وعدم‭ ‬تركها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أرادت‭ ‬لتفعل‭ ‬ما‭ ‬تشاء،‭ ‬لذلك‭ ‬تقوم‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬بوضع‭ ‬قوانين‭ ‬لضبط‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭.‬

الشاب‭ ‬الآسيوي‭ ‬ذاك‭ ‬كغيره‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬الله،‭ ‬قد‭ ‬تردعه‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬استعمال‭ ‬الهاتف‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬كبير‭ ‬سواء‭ ‬للسائق‭ ‬أو‭ ‬الماشي،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حادث‭ ‬يهزّه‭ ‬هزّاً‭ ‬فيغير‭ ‬قناعاته،‭ ‬ويحتاج‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الوعي‭ ‬حتى‭ ‬يمارس‭ ‬تواصله‭ ‬الاجتماعي‭ ‬كإنسان‭ ‬واثق‭ ‬لا‭ ‬كإنسان‭ ‬وجل،‭ ‬وإن‭ ‬تمت‭ ‬تربية‭ ‬الإنسان‭ ‬الواعي‭ ‬بأهمية‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والكيفية‭ ‬الأفضل‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬منصّة،‭ ‬سيتكون‭ ‬لدينا‭ ‬مجتمع‭ ‬واع‭.‬