مواقف إدارية

القائد‭ ‬الخادم

| أحمد البحر

بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬المحاضرة‭ ‬سألت‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭: ‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬موضوع‭ ‬القائد‭ ‬الخادم‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية؟‭ ‬هل‭ ‬يفهم‭ ‬القائد‭ ‬ويؤمن‭ ‬بصدق‭ ‬بأنه‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬الإداري‭ ‬بهدف‭ ‬خدمة‭ ‬الآخرين؟‭ ‬أجابني‭ ‬الزميل‭ ‬قائلاً‭: ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬خبرتي‭ ‬العملية‭ ‬وتنقلي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬وثقافات‭ ‬مختلفة‭ ‬ربما‭ ‬أستطيع‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬يعتمد‭ ‬وبشكل‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬المجتمعية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬وبدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الثقافة‭ ‬المؤسسية‭.‬

‭ ‬تابع‭ ‬الزميل‭ ‬حديثه‭ ‬قائلاً‭: ‬نحن‭ ‬مثلاً‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأوربية‭ ‬ينظر‭ ‬معظمنا‭ ‬إلى‭ ‬المنصب‭ ‬الإداري‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تكليف‭ ‬بتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬معينة،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬القائد‭ ‬الإداري‭ ‬يرى‭ ‬نفسه‭ ‬فردًا‭ ‬ضمن‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يتكئ‭ ‬على‭ ‬منصبه،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يرتبط‭ ‬بالعاملين‭ ‬ويختلط‭ ‬بهم‭ ‬ويشاركهم‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بمسئولياتهم‭. ‬معظمنا‭ ‬يؤمن‭ ‬وبصورة‭ ‬تلقائية‭ ‬بأن‭ ‬القائد‭ ‬الإداري‭ ‬هو‭ ‬خادم‭ ‬هكذا‭ ‬تقول‭ ‬ثقافاتنا؛‭ ‬لذلك‭ ‬فأنت‭ ‬تسمع‭ ‬دائمًا‭ ‬عبارات‭ ‬مثل‭: ‬أنا‭ ‬أخدم‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬كذا،‭ ‬وأنا‭ ‬أخدم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬كذا‭. ‬هذا‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬أما‭ ‬في‭...‬

قاطعت‭ ‬الزميل‭ ‬قائلاً‭: ‬كأنك‭ ‬تريد‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬نظرة‭ ‬القائد‭ ‬إلى‭ ‬منصبه‭ ‬الإداري‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬الثقافة‭ ‬المجتمعية‭ ‬والثقافة‭ ‬المؤسسية‭ ‬أليس‭ ‬كذلك؟‭! ‬أجابني‭ ‬الزميل‭: ‬هذا‭ ‬صحيح‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬حقيقة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نؤمن‭ ‬بها‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬رأس‭ ‬المؤسسة‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يخلق‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭.. ‬أقصد‭ ‬هنا‭ ‬طبعًا‭ ‬الثقافة‭ ‬المؤسسية‭. ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬إيجابية‭ ‬أم‭ ‬سلبية،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يرسّخ‭ ‬مبدأ‭ ‬أن‭ ‬المنصب‭ ‬الإداري‭ ‬تكليف‭ ‬بخدمة‭ ‬الآخرين‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬وجاهة‭.‬

روبرت‭ ‬جرينليف‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭: ‬’’القائد‭ ‬الخادم‭ ‬هو‭ ‬خادم‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬شعوره‭ ‬الطبيعي‭ ‬بأنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يخدم‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يرسخ‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬لدى‭ ‬العاملين‭ ‬معه‭. ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟