360 درجة

معاقبة الناشر والوسيلة

| أيمن همام

منذ‭ ‬اقتحام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬حياتنا‭ ‬مطلع‭ ‬لألفية‭ ‬الجديدة‭ ‬تغيرت‭ ‬مفاهيم‭ ‬صحافية‭ ‬وإعلامية‭ ‬كثيرة،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أنهت‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬احتكار‭ ‬الصحف‭ ‬والوكالات‭ ‬والقنوات‭ ‬الإذاعية‭ ‬والتلفزيونية‭ ‬للأخبار‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أثارت‭ ‬تساؤلات‭ ‬مشروعة‭ ‬بشأن‭ ‬الدقة‭ ‬والموضوعية‭ ‬والمصداقية؛‭ ‬من‭ ‬يحدد‭ ‬المعايير‭ ‬ويحكم‭ ‬على‭ ‬الأخبار‭ ‬الكاذبة؟

للإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬أطلقت‭ ‬“فيسبوك”‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬بالمبادرة‭ ‬العالمية‭ ‬لتدقيق‭ ‬الحقائق‭ ‬مطلع‭ ‬2016،‭ ‬وتعاقدت‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬مع‭ ‬كبرى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية؛‭ ‬لتدقيق‭ ‬الحقائق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬24‭ ‬لغة،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬اعتبرها‭ ‬المنظمون‭ ‬والمشرعون‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لتنظيف‭ ‬منصة‭ ‬التواصل‭ ‬الأوسع‭ ‬انتشارا‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭.‬

المبادرة‭ ‬رغم‭ ‬أهميتها‭ ‬لا‭ ‬تعدو‭ ‬أكثر من‭ ‬كونها ‬مناورة‭ ‬من‭ ‬الشركة‭ ‬لتخفيف‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها،‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬كبير‭ ‬لقيمتها‭ ‬السوقية،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬“فيسبوك”‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتعامل‭ ‬بأسلوب‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬لتجنب‭ ‬نزيف‭ ‬المليارات،‭ ‬ففي‭ ‬أعقاب‭ ‬العمل‭ ‬الإرهابي‭ ‬الجبان‭ ‬في‭ ‬نيوزيلندا،‭ ‬قالت‭ ‬الشركة‭ ‬إنها‭ ‬ستحظر‭ ‬نشر‭ ‬مواد‭ ‬تتضمن‭ ‬“تمجيدا‭ ‬ودعما‭ ‬وتمثيلا‭ ‬للتعصب‭ ‬العرقي‭ ‬للبيض‭ ‬والنزعات‭ ‬الانفصالية”‭.‬

في‭ ‬تجربة‭ ‬شخصية‭ ‬مع‭ ‬جهود‭ ‬“فيسبوك”‭ ‬للتصدي‭ ‬للأخبار‭ ‬الكاذبة،‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أزالت‭ ‬الشركة‭ ‬أحد‭ ‬منشوراتنا‭ ‬على‭ ‬الإنستغرام‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تواتر‭ ‬شكاوى‭ ‬من‭ ‬مستخدمين‭ ‬لم‭ ‬يعجبهم‭ ‬الخبر،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬منقولا‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬عالمية‭ ‬مشهود‭ ‬لها‭ ‬بالمصداقية‭.‬

التزام‭ ‬“البلاد”‭ ‬بالحيادية‭ ‬والنزاهة‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬إحساس‭ ‬عميق‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬الوطنية‭ ‬يدفعها‭ ‬إلى‭ ‬تحري‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الدقة‭ ‬والموضوعية‭ ‬والمصداقية؛‭ ‬لتقديم‭ ‬مادة‭ ‬صحافية‭ ‬لا‭ ‬يشوبها‭ ‬مغالطات‭ ‬أو‭ ‬افتراءات‭ ‬أو‭ ‬تزييف‭ ‬للحقائق‭ ‬أو‭ ‬تضليل‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭. ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬يلزم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بمراعاة‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ؟‭! ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تسن‭ ‬قوانين‭ ‬تعاقب‭ ‬الناشر‭ ‬ووسيلة‭ ‬النشر‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬خبر‭ ‬كاذب‭ ‬أو‭ ‬مسيء‭.‬