الحرس الثوري وخنق نظام الملالي (1)

| سالم الكتبي

لا‭ ‬يمتلك‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬الإيراني‭ ‬مشروعاً‭ ‬سوى‭ ‬تلك‭ ‬الخطط‭ ‬التوسعية‭ ‬التي‭ ‬ينفذها‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬طائفية‭ ‬ومذهبية‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عارمة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والاضطرابات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وإدراكا‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬للحقيقة‭ ‬القائلة‭ ‬إن‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الذراع‭ ‬العسكري‭ ‬لنظام‭ ‬الملالي،‭ ‬وليس‭ ‬الجيش‭ ‬الإيراني،‭ ‬فقد‭ ‬أحجمت‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬عن‭ ‬التصدي‭ ‬للتهديدات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬السلوكيات‭ ‬المتهورة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬ميلشيات‭ ‬الحرس‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عدة،‭ ‬لكن‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬اتخذت‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الحزم‭ ‬والصرامة‭ ‬حين‭ ‬قررت‭ ‬إدراج‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬رسمياً‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأميركية‭.‬

هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬بالغة‭ ‬التأثير‭ ‬ومن‭ ‬يتشكك‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ووكلائه‭ ‬الإقليميين‭ ‬ليدرك‭ ‬حجم‭ ‬تأثير‭ ‬القرار‭ ‬الأميركي،‭ ‬الذي‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬تبعات‭ ‬وتداعيات‭ ‬عدة،‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬يبعث‭ ‬برسالة‭ ‬واضحة‭ ‬لنظام‭ ‬الملالي‭ ‬بشأن‭ ‬جدية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬المخطط‭ ‬الطائفي‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وأن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬تخشى‭ ‬تهديدات‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬ولا‭ ‬تصريحات‭ ‬قادة‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬الذين‭ ‬باتوا‭ ‬يخضعون‭ ‬لقوانين‭ ‬الإرهاب‭ ‬ولا‭ ‬يستطيعون‭ ‬التحرك‭ ‬بالسهولة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬عليها‭ ‬قبل‭ ‬صدور‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭.‬

هناك‭ ‬بعض‭ ‬التحليلات‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬قادة‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬ليسوا‭ ‬من‭ ‬زوار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ولم‭ ‬تعرف‭ ‬عنهم‭ ‬زيارة‭ ‬عواصم‭ ‬الغرب‭ ‬كي‭ ‬يشعروا‭ ‬بالقلق‭ ‬إزاء‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف،‭ ‬وهذا‭ ‬الكلام‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬ظاهر‭ ‬القرار‭ ‬ويتناوله‭ ‬بشكل‭ ‬قشري‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬فحواه‭ ‬وجوهره،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أنه‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬أغلب‭ ‬أنشطتها‭ ‬تتسم‭ ‬بالسرية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فالمسألة‭ ‬أبعد‭ ‬وأعمق‭ ‬من‭ ‬الظاهر‭ ‬بمراحل،‭ ‬فالقرار‭ ‬يعني‭ ‬بالتبعية‭ ‬حظر‭ ‬التعامل‭ ‬بين‭ ‬أية‭ ‬شركة‭ ‬أو‭ ‬كيان‭ ‬أو‭ ‬مصرف‭ ‬مع‭ ‬رموز‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تلقائياً‭ ‬تجفيف‭ ‬منابع‭ ‬التمويل‭ ‬المصرفية،‭ ‬وتوجيه‭ ‬رسالة‭ ‬إنذار‭ ‬واضحة‭ ‬لكل‭ ‬طرف‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬أو‭ ‬وكلائه‭ ‬والميلشيات‭ ‬الموالية‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬فالارتباطات‭ ‬التنظيمية‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬الحرس‭ ‬وهذه‭ ‬الميلشيات‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬تورط‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الكيانات‭ ‬في‭ ‬توريد‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬يضعها‭ ‬مباشرة‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬القانون‭ ‬الأميركي‭ ‬لانتهاك‭ ‬الحظر‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬منظمات‭ ‬الإرهاب‭.‬

هناك‭ ‬هدف‭ ‬أميركي‭ ‬آخر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬فضح‭ ‬ممارسات‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬ومدى‭ ‬ارتباطه‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فصح‭ ‬مزاعم‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكف‭ ‬عن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬بالتبعية‭ ‬إلى‭ ‬إحكام‭ ‬طوق‭ ‬العزلة‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬النظام،‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬خداع‭ ‬العالم‭ ‬والتظاهر‭ ‬بأنه‭ ‬ضحية‭ ‬لما‭ ‬يصفه‭ ‬بالسياسات‭ ‬العدائية‭ ‬الأميركية‭. ‬“إيلاف”‭.‬