إلى متى؟!

| زهير توفيقي

انتشر‭ ‬فيديو‭ ‬مؤخراً‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تصوير‭ ‬مواطن‭ ‬وهو‭ ‬يقوم‭ ‬بتصريف‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬التي‭ ‬هطلت‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬بغزارة‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬محتوى‭ ‬الفيديو‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬بادر‭ ‬وتطوّع‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي‭ ‬للقيام‭ ‬بهذا‭ ‬العمل‭ ‬الجبّار‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الشوارع‭ ‬الرئيسيّة‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬منزله‭! ‬وبصراحة‭ ‬شديدة‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬المواطن‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام،‭ ‬فهذا‭ ‬الرجل‭ ‬يستحق‭ ‬كل‭ ‬تكريم‭ ‬وتقدير‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭.‬

يتعيّن‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬قليلاً‭ ‬أمام‭ ‬المبادرات‭ ‬غير‭ ‬المألوفة‭ ‬والأعمال‭ ‬الشجاعة‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الآخرون‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬مقابل،‭ ‬وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬الشخصي‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬كان‭ ‬بدافع‭ ‬حبه‭ ‬وإخلاصه‭ ‬الكبير‭ ‬لهذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأن‭ ‬الجهات‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬لن‭ ‬تتردد‭ ‬أبداً‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬جهود‭ ‬هذا‭ ‬الرجل،‭ ‬فهذا‭ ‬عشمنا‭ ‬في‭ ‬مسؤولينا‭.‬

وربما‭ ‬يتعيّن‭ ‬علينا‭ ‬التذكير‭ ‬هنا‭ ‬بالتوجيهات‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬رددها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬دائماً‭ ‬وأبداً،‭ ‬وتأكيده‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالعنصر‭ ‬البشري‭ ‬حيث‭ ‬شدّد‭ ‬سموه،‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تقديم‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬الممكنة‭ ‬للمواطن‭ ‬الذي‭ ‬تنظر‭ ‬إليه‭ ‬القيادة‭ ‬باعتباره‭ ‬أساس‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬والثروة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭.‬

إن‭ ‬تكريم‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬برأيي‭ ‬واجب‭ ‬وطني‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التكريم‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬ثقافتنا،‭ ‬ولنعمل‭ ‬كي‭ ‬نجعل‭ ‬منه‭ ‬أنموذجاً‭ ‬ومثالاً‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬وليكن‭ ‬عبرة‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬ولست‭ ‬هنا‭ ‬بصدد‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬ترك‭ ‬نماذج‭ ‬وأمثلة‭ ‬لأجيالنا‭ ‬القادمة،‭ ‬فهي‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬بحاجة‭ ‬لذلك،‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬وحول‭ ‬نفس‭ ‬الموضوع،‭ ‬تلقى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تداولها‭ ‬حول‭ ‬الأمطار،‭ ‬حيث‭ ‬كشفت‭ ‬هذه‭ ‬المقاطع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المآسي‭ ‬والمعاناة‭ ‬التي‭ ‬عايشها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬تضرروا‭ ‬ضرراً‭ ‬فادحاً‭ ‬وكبيراً‭ ‬جراء‭ ‬الخسائر‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬ومنازلهم‭.‬

لست‭ ‬أدري‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر،‭ ‬كيف‭ ‬ستتعامل‭ ‬الجهات‭ ‬المسؤولة‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬المهول‭ ‬من‭ ‬المنازل‭ ‬التي‭ ‬تضررت‭ ‬من‭ ‬الأمطار،‭ ‬وما‭ ‬الآليّة‭ ‬التي‭ ‬سيتّم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تعويض‭ ‬كُل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المواطنين‭. ‬إنه‭ ‬أمر‭ ‬محزن‭ ‬جداً،‭ ‬ومن‭ ‬المحبط‭ ‬كثيراً‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المناظر‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬المقبول‭ ‬مشاهدتها‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬الأعمال‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالبنية‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لتحديد‭ ‬مكمن‭ ‬الخلل‭ ‬والبدء‭ ‬بمعالجته‭ ‬بكل‭ ‬جدية‭. ‬

لاشك‭ ‬لدينا‭ ‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬استراتيجي‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬جذريّة‭ ‬مدروسة‭ ‬لتلافي‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬فالخسائر‭ ‬تتزايد‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬المواطن‭ ‬يطيق‭ ‬الصبر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بخلل‭ ‬في‭ ‬البنى‭ ‬التحتيّة‭. ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬وحفظ‭ ‬مليكها‭ ‬وحكومتها‭ ‬وشعبها‭ ‬الأبي‭.‬