ومضة قلم

المطر فضحكم

| محمد المحفوظ

من‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬يتصور‭ ‬أحد‭ ‬حجم‭ ‬الكوارث‭ ‬التي‭ ‬ألمت‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬غيابا‭ ‬تاما‭ ‬لمفهوم‭ ‬التخطيط،‭ ‬الأزمة‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬عناء‭ ‬كبيرا‭ ‬لإدراك‭ ‬الهشاشة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات‭ ‬والمباني‭ ‬السكنية،‭ ‬والسؤال‭ ‬هنا‭ ‬كيف‭ ‬تعاملت‭ ‬الجهات‭ ‬المسؤولة‭ ‬مع‭ ‬الكارثة؟‭ ‬جولة‭ ‬وزير‭ ‬الأشغال‭ ‬للمناطق‭ ‬المنكوبة‭ ‬باتت‭ ‬مسألة‭ ‬روتينية‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنّها‭ ‬مقنعة‭ ‬لأحد‭ ‬لوضع‭ ‬الحل‭ ‬الجذري‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬بات‭ ‬اعتياديا‭ ‬للمواطن‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬الحدود‭. ‬

أمام‭ ‬كارثة‭ ‬بحجم‭ ‬كمية‭ ‬الأمطار‭ ‬الأخيرة‭ ‬فإنّ‭ ‬التبرير‭ ‬المتوقع‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬رد‭ ‬مستهلك‭ ‬كالذي‭ ‬ألفناه‭ ‬سابقا‭ ‬ويتلخص‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬كمية‭ ‬الأمطار‭ ‬فاقت‭ ‬كل‭ ‬توقعاتنا‭! ‬أما‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬من‭ ‬غرق‭ ‬للبيوت‭ ‬والشوارع‭ ‬بما‭ ‬يفوق‭ ‬بعشرات‭ ‬المرات‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬لسبب‭ ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬أذهان‭ ‬المسؤولين‭ ‬ويكمن‭ ‬في‭ ‬هشاشة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭. ‬

نتذكر‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬مشروعا‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنمية‭ ‬القرية‭ ‬البحرينية‭ ‬وكانت‭ ‬انطلاقته‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2006م،‭ ‬وكان‭ ‬ضمن‭ ‬الخطة‭ ‬الطموحة‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬تستهدف‭ ‬النهوض‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالقرية‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬إعادة‭ ‬تخطيط‭ ‬الشوارع،‭ ‬حيث‭ ‬تتم‭ ‬تنمية‭ ‬عشر‭ ‬قرى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬ولعل‭ ‬الجميع‭ ‬يتساءلون‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬وصل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع؟‭ ‬للأسف‭ ‬إنّ‭ ‬المشروع‭ ‬توقف‭ ‬تماما‭ ‬لأسباب‭ ‬تبدو‭ ‬مجهولة،‭ ‬ولو‭ ‬قيض‭ ‬للمشروع‭ ‬أن‭ ‬ينفذ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬لأمكن‭ ‬تفادي‭ ‬كوارث‭ ‬مدمرة‭ ‬كالأمطار‭. ‬إنّ‭ ‬مشروع‭ ‬تنمية‭ ‬القرى‭ ‬يشمل‭ ‬أيضا‭ ‬ترميم‭ ‬البيوت‭ ‬الآيلة‭ ‬للسقوط،‭ ‬وكان‭ ‬يمكن‭ ‬تفادي‭ ‬كارثة‭ ‬سقوط‭ ‬سقف‭ ‬أحد‭ ‬البيوت‭ ‬بمنطقة‭ ‬عالي‭. ‬أما‭ ‬معاناة‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬سوءا،‭ ‬فبعض‭ ‬البيوت‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬تعاني‭ ‬تصدعات‭ ‬وتشققات‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬دون‭ ‬إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬ترميم‭ ‬عاجلة‭ ‬خصوصا‭ ‬الأسلاك‭ ‬الكهربائية‭ ‬المكشوفة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المنازل‭ ‬لقدمها‭ ‬وبدائية‭ ‬تركيبها‭.‬

نعتقد‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬البلديات‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬تكبد‭ ‬العوائل‭ ‬العناء‭ ‬في‭ ‬تباطؤها‭ ‬في‭ ‬تركيب‭ ‬عوازل‭ ‬الأمطار،‭ ‬لأنّ‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬مهامها‭ ‬وصلب‭ ‬مسؤولياتها‭. ‬

نتذكر‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬شكاوى‭ ‬الأهالي‭ ‬إلى‭ ‬ممثلي‭ ‬مناطقهم‭ ‬من‭ ‬نواب‭ ‬وبلديين‭ ‬لم‭ ‬تثمر‭ ‬نتائج‭ ‬تذكر‭ ‬وكأنّهم‭ ‬يطلقون‭ ‬صرخاتهم‭ ‬في‭ ‬واد‭ ‬مهجور،‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬المحزن‭ ‬أن‭ ‬يضطر‭ ‬أصحاب‭ ‬المنازل‭ ‬الآيلة‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬النجدة‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والصناديق‭ ‬الخيرية‭ ‬في‭ ‬مناطقهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصابهم‭ ‬اليأس‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬حكومية؟‭.‬