عندما‭ ‬يسقط‭ ‬المطر‭...‬

| سعيد محمد

نستذكر‭ ‬أيام‭ ‬الطفولة‭.. ‬ونتبادل‭ ‬القصص‭ ‬اللطيفة‭.. ‬ونعود‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬سنوات‭ ‬وسنوات،‭ ‬ونتصفح‭ ‬الصحف‭ ‬القديمة‭ ‬والتصريحات‭ ‬بالاستعداد‭ ‬لموسم‭ ‬الأمطار،‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين،‭ ‬وتقوية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭.. ‬و‭ ‬“طق‭ ‬يا‭ ‬مطر‭ ‬طق”‭.‬

تتوالى‭ ‬حينها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحكايات‭.. ‬كل‭ ‬شوارع‭ ‬البلد‭ ‬ومدنها‭ ‬وقراها‭ ‬وبساتينها‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬بحيرات‭ ‬كبيرة،‭ ‬وتغرق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواقع‭.. ‬مبان‭ ‬ومرافق‭ ‬حديثة‭ ‬كلفت‭ ‬الملايين‭ ‬تباغتها‭ ‬المياه‭.. ‬وتعود‭ ‬السوالف‭ ‬من‭ ‬جديد‭.. ‬البنية‭ ‬التحتية‭.. ‬خطة‭ ‬الطوارئ‭.. ‬الجهوزية‭.. ‬الاستعداد‭.. ‬وأسطول‭ ‬الصهاريج‭ ‬التي‭ ‬تجول‭ ‬البلد‭ ‬شمالًا‭ ‬وجنوبًا‭.. ‬شرقًا‭ ‬وغربا‭.‬

بارك‭ ‬الله‭ ‬فيهم‭.. ‬رجال‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬والشرطة‭ ‬والمرور‭ ‬والطرق‭ ‬والبلديات‭ ‬وإدارات‭ ‬الخدمات‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمتطوعون‭ ‬يهرعون‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬موقع‭ ‬يتطلب‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬العاجلة‭ ‬جدًا‭.. ‬ولن‭ ‬تهدأ‭ ‬الاتصالات‭ ‬والصرخات‭ ‬والاستغاثات‭ ‬والانتقادات‭ ‬والشكاوى‭ ‬والبلاغات‭.. ‬وربما‭ ‬تجدها‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭.. ‬ذات‭ ‬الصرخات‭ ‬والاستغاثات‭ ‬والانتقادات‭ ‬والشكاوى‭ ‬ولكم‭ ‬عددها‭ ‬يتضاعف‭.‬

تمتلئ‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالصور‭ ‬ومقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬التي‭ ‬ستجد‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬“الاستغاثات‭ ‬أيضًا”‭.. ‬هذه‭ ‬مواطنة‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬آيل‭ ‬للسقوط‭.. ‬وهذا‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬تسلمها‭ ‬للتو‭.. ‬وهذه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬أمام‭ ‬مشروعهم‭ ‬الإسكاني‭.. ‬وهنا‭ ‬شباب‭ ‬يساعدون‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬البحيرات‭.. ‬وهنا‭ ‬رسومات‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬والمقاطع‭ ‬الفكاهية‭.. ‬والصورة‭ ‬الأبلغ‭ ‬التي‭ ‬تجمعهم‭: ‬“الحقونا‭.. ‬غرقنا”‭.‬

فوهات‭ ‬شبكة‭ ‬تصريف‭ ‬الأمطار‭ ‬والمجاري‭ ‬تطفح‭.. ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنازل‭ ‬تتعطل‭ ‬فيها‭ ‬الكهرباء‭.. ‬أسواق‭ ‬ومجمعات‭ ‬تجارية‭ ‬ومرافق‭ ‬تتفنن‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬نفسها‭ ‬ما‭ ‬استطاعت‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬سبيلا‭.. ‬إنه‭ ‬المطر‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬الخير‭.‬

أحيانًا‭.. ‬يتم‭ ‬إيقاف‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬والفعاليات‭.. ‬وربما‭ ‬تتوقف‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الطقس‭ ‬الشديد‭.. ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬اعتيادي‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬التقلبات‭ ‬الجوية‭.. ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬تتكرر‭ ‬ذات‭ ‬الشكوى‭ ‬وذات‭ ‬المعاناة‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬قائمة‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭.. ‬والمسؤولون‭ ‬تحدثوا‭ ‬عنها‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭.. ‬ودخلت‭ ‬أدراج‭ ‬النسيان‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭.. ‬“طق‭ ‬يا‭ ‬مطر‭ ‬طق”‭.‬

ربما‭ ‬يعود‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬عوازل‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافظات‭.. ‬وربما‭ ‬أيضًا‭ ‬يعود‭ ‬نظام‭ ‬صرف‭ ‬التعويضات‭ ‬للمواطنين‭ ‬المتضررين‭.. ‬وقد‭ ‬يهتف‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬التشريعي‭ ‬بالصراخ‭ ‬تارة‭ ‬واللوم‭ ‬تارة‭ ‬والوعيد‭ ‬بمساءلة‭ ‬المقصرين‭ ‬ومحاسبتهم‭.. ‬و‭ ‬“طق‭ ‬يا‭ ‬مطر‭ ‬طق”‭.‬