صور مختصرة

“ربشة‭ ‬وغبره‭ ‬وضقبره”

| عبدالعزيز الجودر

ظهرت‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬وبشكل‭ ‬لافت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مجالس‭ ‬“الخلف”‭ ‬عادة‭ ‬دخيلة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬“لا‭ ‬هي‭ ‬لنا‭ ‬ولا‭ ‬نحن‭ ‬لها”،‭ ‬نستطيع‭ ‬القول‭ ‬إنها‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬فيها‭ ‬وغير‭ ‬مرحب‭ ‬بها‭ ‬عند‭ ‬عموم‭ ‬الشعب‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مرفوضة‭ ‬ومنفرة‭ ‬لمشاعرهم‭. ‬العادة‭ ‬التي‭ ‬نحن‭ ‬بصدد‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬المبالغة‭ ‬الكبيرة‭ ‬والتصنع‭ ‬المقزز‭ ‬في‭ ‬استقبال‭ ‬وتوديع‭ ‬المعزين،‭ ‬إذ‭ ‬نرصد‭ ‬كغيرنا‭ ‬أثناء‭ ‬حضورنا‭ ‬عزاء‭ ‬الواجب‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬توارثناه‭ ‬عن‭ ‬الأجداد‭ ‬والآباء‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬“رحمهم‭ ‬الله”‭ ‬يتميزون‭ ‬بالعفوية‭ ‬والحميمية‭ ‬والطيبة‭ ‬“والسنع‭ ‬والذرابة”‭ ‬في‭ ‬استقبال‭ ‬وتوديع‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بزيارتهم‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المناسبات،‭ ‬هذا‭ ‬الموروث‭ ‬الجميل‭ ‬ولعظيم‭ ‬الأسف‭ ‬طرأ‭ ‬عليه‭ ‬تغير‭ ‬كبير‭ ‬لم‭ ‬نعتد‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

الآن‭ ‬نشاهد‭ ‬عندما‭ ‬يحضر‭ ‬شخص‭ ‬مكان‭ ‬التعزية‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬أو‭ ‬تاجرا‭ ‬أو‭ ‬مسؤولا‭ ‬أو‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الأخرى‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬لتقديم‭ ‬واجب‭ ‬العزاء‭ ‬يحصل‭ ‬استنفار‭ ‬غريب‭ ‬ومريب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬أسرة‭ ‬المتوفي،‭ ‬فينتج‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬السلوكيات‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬“الربشة‭ ‬والمردويسه‭ ‬ولغبرة‭ ‬والضقبرة”‭ ‬داخل‭ ‬صالات‭ ‬المناسبات‭ ‬أو‭ ‬المجالس‭ ‬الأهلية‭ ‬الخاصة‭ ‬باستقبالهم‭ ‬وتوديعهم‭ ‬وأثناء‭ ‬وجودهم‭ ‬بين‭ ‬الحضور،‭ ‬وتكون‭ ‬الأضواء‭ ‬مسلطة‭ ‬عليهم‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬طبيعي‭ ‬“ما‭ ‬باقي‭ ‬إلا‭ ‬يحطون‭ ‬لهم‭ ‬مدفع‭ ‬علشان‭ ‬يطلق‭ ‬21‭ ‬طلقة‭ ‬تحية‭ ‬لهم”‭.‬

ومقابل‭ ‬هذا‭ ‬نلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يأتي‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬عامة‭ ‬المواطنين‭ ‬لنفس‭ ‬الغرض‭ ‬“محد‭ ‬حتى‭ ‬يقلطه”‭ ‬وكأن‭ ‬وجوده‭ ‬كعدمه‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬من‭ ‬يرحب‭ ‬به‭ ‬“وإذا‭ ‬بعد‭ ‬مسكين‭ ‬صبوا‭ ‬له‭ ‬فنيال‭ ‬قهوة‭ ‬بالقلط”‭ ‬فهذا‭ ‬يعتبر‭ ‬محظوظا‭.‬المفارقة‭ ‬الغريبة‭ ‬الأخرى‭ ‬عندما‭ ‬يحضر‭ ‬مسؤول‭ ‬سابق‭ ‬أو‭ ‬تاجر‭ ‬“منكسر”‭ ‬يعاملونه‭ ‬معاملة‭ ‬عادية‭ ‬جدا‭ ‬وهنا‭ ‬قمة‭ ‬النفاق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتلون‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭.‬

تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬المرفوضة‭ ‬اجتماعيا‭ ‬وأخلاقيا‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬المجالس،‭ ‬ليس‭ ‬أمامنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬لمن‭ ‬يمارسها‭ ‬لا‭ ‬تستحدثوا‭ ‬عادة‭ ‬ولا‭ ‬تقطعوا‭ ‬عادة،‭ ‬“خلونه”‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬نفرق‭ ‬بين‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬عندما‭ ‬يحضرون‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬المناسبات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬فالكل‭ ‬هنا‭ ‬سواسية‭. ‬وعساكم‭ ‬عالقوة‭.‬