سوالف

الأنظمة الديكتاتورية الرجعية لا تعيش لوقت طويل

| أسامة الماجد

إن‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬يزخر‭ ‬بثورات‭ ‬عديدة‭ ‬تختلف‭ ‬في‭ ‬شكلها‭ ‬لكنها‭ ‬تتفق‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬سعيا‭ ‬وراء‭ ‬أشكال‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬المجتمعات،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬نعدم‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬الثورات‭ ‬وقد‭ ‬انحرفت‭ ‬عن‭ ‬هدفها،‭ ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ثورة‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬فهي‭ ‬ثورة‭ ‬جاءت‭ ‬بانحرافات‭ ‬عديدة‭ ‬هددت‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬العالمي‭ ‬لأنها‭ ‬باختصار‭ ‬ثورة‭ ‬قامت‭ ‬واعتمدت‭ ‬على‭ ‬عبادة‭ ‬الزعيم‭ ‬والخضوع‭ ‬التام‭ ‬له‭ ‬وعدم‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الشعب،‭ ‬تماما‭ ‬مثل‭ ‬الثورتين‭ ‬الفاشيتين‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازية‭ ‬وإيطاليا،‭ ‬ففي‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭ ‬قامت‭ ‬ثورتان‭ ‬تعتمدان‭ ‬على‭ ‬عبادة‭ ‬الزعيم‭ ‬“هتلر‭ ‬وموسوليني”‭ ‬واشتهرتا‭ ‬بالعدوانية‭ ‬واضطهاد‭ ‬الشعب‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬قاس‭.‬

إن‭ ‬ثورة‭ ‬ملالي‭ ‬إيران‭ ‬سجلت‭ ‬عبر‭ ‬تاريخها‭ ‬أفعالا‭ ‬تدميرية‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وأرادت‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬أن‭ ‬يسير‭ ‬بصورة‭ ‬آلية‭ ‬وفقا‭ ‬لتصميم‭ ‬وضعه‭ ‬الخميني‭ ‬ومن‭ ‬سيحمل‭ ‬الراية‭ ‬من‭ ‬بعده،‭ ‬فلا‭ ‬يحظى‭ ‬بالتقدير‭ ‬والإعجاب‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬محسوب‭ ‬على‭ ‬زعيم‭ ‬الخراب‭ ‬والقوى‭ ‬الطائفية‭ ‬الخميني‭ ‬وزمرته،‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أن‭ ‬آمال‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬تتجه‭ ‬ناحية‭ ‬ثورة‭ ‬الحرية‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬جاثوم‭ ‬الملالي‭ ‬الرابض‭ ‬فوق‭ ‬صدورهم،‭ ‬ثورة‭ ‬لا‭ ‬تعتمد‭ ‬أصلا‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬ورجل‭ ‬الدين‭ ‬المزيف،‭ ‬إنما‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬نقيض‭ ‬العدوان‭ ‬والإرهاب‭ ‬والخراب‭ ‬أي‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬وتتجه‭ ‬من‭ ‬التعصب‭ ‬والطائفية‭ ‬إلى‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العالمي،‭ ‬فالشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬المسحوق‭ ‬سيكون‭ ‬القوة‭ ‬القائدة‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬عصابة‭ ‬الملالي‭ ‬وسيفتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬ولن‭ ‬يلتفت‭ ‬أبدا‭ ‬إلى‭ ‬أسلوب‭ ‬التهديد‭ ‬والوعيد‭ ‬ومنطق‭ ‬العنجهية‭ ‬وأعواد‭ ‬المشانق‭ ‬التي‭ ‬نصبها‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬طول‭ ‬البلاد‭ ‬وعرضها‭. ‬

لسان‭ ‬التاريخ‭ ‬ينطق‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬الأنظمة‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬الرجعية‭ ‬مثل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الإرهابي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬لوقت‭ ‬طويل،‭ ‬فبذرة‭ ‬التمرد‭ ‬مزروعة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬الإيرانية‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬بعيد‭ ‬وهاهي‭ ‬اليوم‭ ‬تنبت‭ ‬لتزيح‭ ‬أشواك‭ ‬الظلم‭ ‬والاستبداد‭ ‬وتنقي‭ ‬التربة‭ ‬من‭ ‬ملوثات‭ ‬النظام‭ ‬البربري‭ ‬المستبد،‭ ‬فقد‭ ‬وصل‭ ‬السخط‭ ‬الشعبي‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬درجاته‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬متماسك‭ ‬ومتحد،‭ ‬والغضب‭ ‬من‭ ‬أيدي‭ ‬النظام‭ ‬الملطخة‭ ‬بالدماء‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬ذروته‭.‬