حال الأمة العربية

| عبدعلي الغسرة

في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يقف‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي‭ ‬متأملا‭ ‬حال‭ ‬أمته‭ ‬العربية،‭ ‬فحالها‭ ‬يتغير‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬لآخر،‭ ‬تغيرًا‭ ‬سلبيًا،‭ ‬تغيرًا‭ ‬لصالح‭ ‬أعداء‭ ‬أمته،‭ ‬ولصالح‭ ‬أعراب‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تهمهم‭ ‬إلا‭ ‬مصالحهم‭ ‬السياسية‭ ‬والشخصية،‭ ‬فالفكر‭ ‬العربي‭ ‬ومناضلوه‭ ‬الذين‭ ‬ناضلوا‭ ‬في‭ ‬سبيله‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬أمتهم‭ ‬مازالوا‭ ‬يتخذون‭ ‬من‭ ‬مبادئهم‭ ‬منهجًا‭ ‬ومن‭ ‬تاريخ‭ ‬أمتهم‭ ‬خندقًا،‭ ‬فالمستقبل‭ ‬العربي‭ ‬دماميكه‭ ‬الحق‭ ‬ورؤاه‭ ‬النصر‭ ‬وأراضيه‭ ‬التي‭ ‬اغتصبت‭ ‬من‭ ‬المُحتلين‭ ‬عائدة‭ ‬إلى‭ ‬ترابها‭ ‬العربي‭.‬

إن‭ ‬ديدن‭ ‬أي‭ ‬فكر‭ ‬وأية‭ ‬أمة‭ ‬هو‭ ‬النهوض‭ ‬والانبعاث،‭ ‬فالفكر‭ ‬هو‭ ‬روح‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬ترتوي‭ ‬منه‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬ومجدها،‭ ‬وأثبت‭ ‬فكر‭ ‬الأمة‭ ‬صحة‭ ‬أهدافه‭ ‬ونقاء‭ ‬مبادئه‭ ‬وأصالة‭ ‬إنسانه‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬تاريخه‭ ‬عبر‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬والبذل‭ ‬والتضحيات‭. ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يُقاوم‭ ‬بمنعته‭ ‬وعزة‭ ‬حاملي‭ ‬رسالة‭ ‬الأمة‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬شامخًا‭ ‬ومنيعًا‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬التحديات‭ ‬والعواصف‭ ‬التي‭ ‬هبت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬شرقها‭ ‬وغربها،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬مازال‭ ‬التآمر‭ ‬ينهش‭ ‬أمتنا،‭ ‬يرتوي‭ ‬من‭ ‬ثرواتها‭ ‬ويُجند‭ ‬طائفييها‭ ‬وسُراقها‭ ‬لاجتثاث‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬لهذه‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬وجود،‭ ‬يزرع‭ ‬الفتنة‭ ‬الدينية‭ ‬والمذهبية‭ ‬بتجزئة‭ ‬الأرض،‭ ‬ويُشوه‭ ‬معالم‭ ‬فكرها‭ ‬العربي‭ ‬ويُدنس‭ ‬تاريخها‭ ‬بالشعوبية‭ ‬والطائفية‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬فالذين‭ ‬وقفوا‭ ‬ضد‭ ‬أمتهم‭ ‬اتكأوا‭ ‬على‭ ‬وسادة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬الغرب،‭ ‬واعتقدوا‭ ‬بسحر‭ ‬جنة‭ ‬الشعوبيين‭ ‬المُحرقة،‭ ‬واصطفوا‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬دمر‭ ‬ما‭ ‬بقيَ‭ ‬لدينا‭ ‬من‭ ‬عروبة،‭ ‬وكبَّر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بقيَ‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬دين‭.‬

حال‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬يسير‭ ‬إلى‭ ‬الأسوأ،‭ ‬وقممنا‭ ‬العربية‭ ‬تجتمع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬من‭ ‬تراب‭ ‬وبشر‭ ‬هذه‭ ‬الأمة،‭ ‬معارك‭ ‬طاحنة‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أرضنا‭ ‬وشعبنا،‭ ‬معارك‭ ‬تفرقنا‭ ‬وتقتل‭ ‬بعضنا،‭ ‬معارك‭ ‬تهزمنا‭ ‬وتنصر‭ ‬أعداءنا،‭ ‬معارك‭ ‬تحرق‭ ‬تاريخنا‭ ‬وأرضنا‭ ‬التي‭ ‬عقمت‭ ‬إنتاج‭ ‬الخبز‭ ‬وأودت‭ ‬بالأنعام‭ ‬فلا‭ ‬نستفيدُ‭ ‬منها‭ ‬حليبًا‭ ‬ولا‭ ‬لحمًا‭ ‬فأمست‭ ‬عِظامًا‭ ‬كحال‭ ‬أمتنا‭.‬

أصاب‭ ‬الدعاء‭ (‬اللهم‭ ‬اجعل‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬آمنا‭) ‬لكن‭ ‬ضاع‭ ‬طريقنا‭ ‬في‭ ‬الدعاء،‭ ‬فخرج‭ ‬الكلام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الإيمان،‭ ‬فغادرنا‭ ‬الإيمان‭ ‬عندما‭ ‬نسينا‭ ‬أننا‭ ‬أصحاب‭ ‬حق‭ ‬وأننا‭ ‬أصحاب‭ ‬رسالة‭ ‬وآمنا‭ ‬بضعفنا‭ ‬وغلبة‭ ‬عدونا‭ ‬علينا‭. ‬لِنَعد‭ ‬ولو‭ ‬قليلا‭ ‬إلى‭ ‬تاريخنا‭ ‬العربي‭ ‬لنعرف‭ ‬لماذا‭ ‬انتصرنا‭ ‬بالأمس‭ ‬ولماذا‭ ‬انهزمنا‭ ‬اليوم،‭ ‬فالتاريخ‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬ولا‭ ‬يتغير،‭ ‬ولكن‭ ‬الأمل‭ ‬المُشرق‭ ‬يتحقق‭ ‬لنا‭ ‬مع‭ ‬تجدد‭ ‬الذكرى،‭ ‬وإذا‭ ‬تمسكنا‭ ‬برسالتنا‭ ‬وآمنا‭ ‬بحقنا‭ ‬وحق‭ ‬أرضنا‭. ‬هذه‭ ‬حالنا‭ ‬وحال‭ ‬أمتنا‭.‬