سوالف

مشكلة العرب الثقة الزائدة بأميركا

| أسامة الماجد

في‭ ‬بداية‭ ‬حكم‭ ‬نيكسون‭ ‬في‭ ‬الستينات،‭ ‬صاحبته‭ ‬موجة‭ ‬تفاؤل‭ ‬وأمل‭ ‬عند‭ ‬العرب،‭ ‬وذلك‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نيكسون‭ ‬نفسه‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬صرح‭ ‬قبيل‭ ‬انتخابه‭ ‬بأن‭ ‬“مصالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تفوق‭ ‬إسرائيل‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬المنطقة”،‭ ‬وأنه‭ ‬“سيعمل‭ ‬على‭ ‬احتفاظها‭ ‬بتفوقها‭ ‬العسكري‭ ‬الساحق‭ ‬على‭ ‬العرب”‭. ‬وتواصلت‭ ‬المؤامرات‭ ‬الأميركية‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬وهذا‭ ‬الرصيد‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الخطايا‭ ‬الأميركية‭ ‬بحق‭ ‬العرب‭ ‬يؤكد‭ ‬حقيقتين‭ ‬مهمتين‭ ‬يحلو‭ ‬للبعض‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬منهما‭ ‬أو‭ ‬يتجاهلهما‭ ‬وهما‭... ‬سياسة‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬أميركي‭ ‬ستظل‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الطريق‭ ‬المعادي‭ ‬الذي‭ ‬يسير‭ ‬عليه‭ ‬جميع‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأميركان،‭ ‬وثانيا‭ ‬إن‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والإعلامية‭ ‬للنشاط‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬صانعة‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية،‭ ‬وإذا‭ ‬تأملنا‭ ‬صورة‭ ‬قضية‭ ‬اعتراف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬ترامب‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ونقل‭ ‬سفارته‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2017،‭ ‬فإننا‭ ‬سنعرف‭ ‬كيف‭ ‬تسير‭ ‬الأمور‭ ‬وكيف‭ ‬يتحرك‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأميركان‭.‬

مشكلة‭ ‬العرب‭ ‬هي‭ ‬الثقة‭ ‬الزائدة‭ ‬بالأميركان‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الشواهد‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬يقفون‭ ‬ضد‭ ‬أمننا‭ ‬واستقرارنا‭ ‬ومن‭ ‬مصلحتهم‭ ‬بقاء‭ ‬الجرح‭ ‬العربي‭ ‬نازفا،‭ ‬فلعدة‭ ‬سنوات‭ ‬والعرب‭ ‬يرددون‭ ‬جملة‭ ‬“حل‭ ‬سلمي‭ ‬لأزمة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط”‭ ‬ويصل‭ ‬الكلام‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التصديق‭ ‬بأن‭ ‬الأميركان‭ ‬بالفعل‭ ‬يريدون‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والثبات‭ ‬للمنطقة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنهم‭ ‬يقفون‭ ‬“بالفيتو‭ ‬التعس”‭ ‬ضد‭ ‬الحق‭ ‬العربي‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬عمليات‭ ‬العدوان‭ ‬والإرهاب‭ ‬ودعم‭ ‬مشاهد‭ ‬الخلاف‭ ‬والتمزق‭ ‬والصراعات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ومشاهدة‭ ‬الأمان‭ ‬يسترخي‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬مجتمعاتنا‭.‬

كل‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬أميركا‭ ‬طوال‭ ‬تاريخها‭ ‬عن‭ ‬اهتمامها‭ ‬بالسلام‭ ‬والأمن‭ ‬العربي‭ ‬مجرد‭ ‬أوهام‭ ‬وأحلام،‭ ‬لأنها‭ ‬تتحرك‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬استسلام‭ ‬العرب‭ ‬وخضوعهم‭ ‬خضوعا‭ ‬تاما،‭ ‬وحين‭ ‬يتابع‭ ‬المرء‭ ‬قائمة‭ ‬المشروعات‭ ‬الكثيرة‭ ‬لـ‭ ‬“وكالة‭ ‬المخابرات‭ ‬المركزية‭ ‬الأميركية”‭ - ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬تسرب‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ - ‬سيرى‭ ‬أن‭ ‬صورة‭ ‬تخريب‭ ‬وخلخلة‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬تتكرر‭ ‬باستمرار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحقاب‭ ‬التاريخية‭ ‬الأميركية‭. ‬

أميركا‭ ‬شاطرة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬المسرح‭ ‬الثابت‭ ‬والديكور‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السياسة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬الفراغات‭ ‬فيه‭ ‬وإنارتها‭ ‬بالخبث‭!.‬