دعم‭ ‬الرئيس

| د. عبدالله الحواج

لم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬ينحاز‭ ‬فيها‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬لصغار‭ ‬التجار،‭ ‬فسموه‭ ‬دائم‭ ‬التشجيع‭ ‬والدعم‭ ‬للقطاع‭ ‬التجاري‭ ‬حتى‭ ‬ينهض‭ ‬من‭ ‬سباته‭ ‬العميق‭.‬

في‭ ‬الماضي،‭ ‬أتذكر‭ ‬كيف‭ ‬وقف‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬وقفته‭ ‬الجسورة‭ ‬خلف‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬تعاني‭ ‬عجزًا‭ ‬ماليًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬وفي‭ ‬الماضي‭ ‬يتذكر‭ ‬كل‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬العصر‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬متقدمًا‭ ‬الصفوف‭ ‬المؤمنة‭ ‬بأهمية‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ولعل‭ ‬سموه‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬المناشدين‭ ‬بضرورة‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬ثابتًا‭ ‬قويًا‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬المساهمة‭ ‬بفاعلية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

وها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نشهد‭ ‬سموه‭ ‬وهو‭ ‬يأمر‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأخيرة‭ ‬برصد‭ ‬21‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬لدعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬التي‭ ‬تعاني،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬نفق‭ ‬التراجع‭ ‬الضيق‭.‬

أمورنا‭ ‬طيبة‭ ‬“هكذا‭ ‬يقولون،‭ ‬لكن‭ ‬الأكيد‭ ‬أن‭ ‬طيب‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تتأتى‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تعاونًا‭ ‬مثمرًا‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التجارية‭ ‬والصناعية‭ ‬فحسب‭ - ‬إنما‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬التعليم‭ ‬وبناء‭ ‬المعرفة‭ ‬وتحديث‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتطورة‭ ‬أيضًا‭.‬

إن‭ ‬بلادنا‭ ‬تحتاج‭ ‬دائما‭ ‬لمراجعة‭ ‬نماذج‭ ‬النهضة‭ ‬التي‭ ‬بلغتها‭ ‬بلدان‭ ‬أكثر‭ ‬حداثة‭ ‬منا،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التفاهم‭ ‬العميق‭ ‬بين‭ ‬“الجناحين”‭ ‬على‭ ‬أشده‭ ‬بحيث‭ ‬يحقق‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الرفعة‭ ‬وأثمن‭ ‬مراتب‭ ‬التقدم‭ ‬والرخاء‭.‬

إن‭ ‬دعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬بحيث‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الرأسي‭ ‬الذي‭ ‬تنمو‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬المتحركة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أصابها‭ ‬السكون‭ ‬النسبي‭ ‬برهة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭.‬

العمالة‭ ‬الكثيفة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مدرجة‭ ‬على‭ ‬جداول‭ ‬أعمال‭ ‬الصناعة‭ ‬العملاقة،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أصبحت‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬كثيرة‭ ‬العدد‭ ‬ومحدودة‭ ‬الحجم،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬الممنهج‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬الحجم‭ ‬الإجمالي‭ ‬لعناصر‭ ‬الاقتصاد‭.‬

سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬تحدث‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬وفي‭ ‬مجالسه‭ ‬الخاصة‭ ‬والعتيدة‭ ‬عن‭ ‬التاجر‭ ‬الصغير‭ ‬قبل‭ ‬الكبير،‭ ‬عن‭ ‬المؤسسة‭ ‬المحدودة‭ ‬قبل‭ ‬الشركة‭ ‬العملاقة،‭ ‬وعن‭ ‬الصناعات‭ ‬الخفيفة‭ ‬قبل‭ ‬مثيلتها‭ ‬الثقيلة،‭ ‬لم‭ ‬يفرق‭ ‬سموه‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬فالدولة‭ ‬تضع‭ ‬نصب‭ ‬أعينها‭ ‬مصلحة‭ ‬الجميع‭ ‬فوق‭ ‬أي‭ ‬اعتبار،‭ ‬والحكومة‭ ‬تأخذ‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬معيار‭ ‬شمولي‭ ‬لقياس‭ ‬معدل‭ ‬أداء‭ ‬أدوات‭ ‬الإنتاج‭ ‬حتى‭ ‬تبلغ‭ ‬الدقة‭ ‬مداها‭ ‬عند‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬القيمة‭ ‬العادلة‭ ‬للناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬للدولة‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬ومن‭ ‬قبلها‭ ‬كان‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالأسواق‭ ‬القديمة‭ ‬وإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬لها،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬سيكون‭ ‬الاهتمام‭ ‬ممتدًا‭ ‬على‭ ‬استقامته‭ ‬ليبلغ‭ ‬آفاقًا‭ ‬أبعد،‭ ‬وأبعادًا‭ ‬أوسع،‭ ‬وآمالًا‭ ‬لا‭ ‬تُحد‭.‬