حرب على الجريمة والإرهاب لا على حرية التعبير

| عبدالنبي الشعلة

لسنوات‭ ‬عديدة‭ ‬كانت‭ ‬لي،‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬الزملاء‭ ‬الوزراء‭ ‬والمسؤولين‭ ‬المعنيين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬اتصالات‭ ‬ولقاءات‭ ‬بمنظمات‭ ‬دولية‭ ‬معنية‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬مثل‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وبالأخص‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬وباريس‭ ‬وجنيف،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اتحادات‭ ‬ومنظمات‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية‭ ‬الدولية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬لنقابات‭ ‬العمال‭ ‬العرب،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يتخذ‭ ‬من‭ ‬دمشق‭ ‬مقرًّا‭ ‬له،‭ ‬وكنا‭ ‬نلتقي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬برجال‭ ‬ونساء‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والأجانب‭ ‬المخلصين‭ ‬والمتحمسين‭ ‬للمبادئ‭ ‬والأهداف‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬المنظمات‭ ‬ترفعها‭ ‬وتنادي‭ ‬بها،‭ ‬وقد‭ ‬كنا‭ ‬نؤكد‭ ‬لهم‭ ‬دائمًا‭ ‬بأننا‭ ‬نكنّ‭ ‬لهم‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬ونشاركهم‭ ‬الإيمان‭ ‬بالأهداف‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬يعلنونها،‭ ‬لكننا‭ ‬نختلف‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أوجه‭ ‬التفسير‭ ‬ووسائل‭ ‬وأساليب‭ ‬التطبيق‭. ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬لهم‭ ‬قط‭ ‬إننا‭ ‬نملك‭ ‬الطهارة‭ ‬والعفة‭ ‬والكمال‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭ ‬حسب‭ ‬معاييرهم،‭ ‬لكننا‭ ‬كنا‭ ‬نرفض‭ ‬الابتزاز‭ ‬والتهديد‭ ‬والانتقائية‭ ‬وازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬في‭ ‬التطبيق،‭ ‬ولا‭ ‬نقبل‭ ‬تَوجُه‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬والقوى‭ ‬لاستغلال‭ ‬الأهداف‭ ‬النبيلة‭ ‬المعلنة‭ ‬والشعارات‭ ‬المرفوعة‭ ‬لهذه‭ ‬المنظمات‭ ‬لأغراض‭ ‬خاصة‭ ‬بهم‭ ‬ولخدمة‭ ‬مصالحهم‭ ‬وأهدافهم‭ ‬غير‭ ‬النبيلة،‭ ‬مجسدين‭ ‬بذلك‭ ‬حكمة‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬وكرم‭ ‬الله‭ ‬وجهه‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬“كلمة‭ ‬حق‭ ‬يراد‭ ‬بها‭ ‬باطل”‭.‬

كانوا‭ ‬يحاولون‭ ‬إسكاتنا‭ ‬وكبت‭ ‬حريتنا‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عندما‭ ‬كنا‭ ‬نقول‭ ‬بأننا‭ ‬نريد‭ ‬حريات‭ ‬ملتزمة‭ ‬تتحلى‭ ‬بروح‭ ‬المسؤولية،‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬حريات‭ ‬طائشة‭ ‬منفلتة‭ ‬مُطلقة‭ ‬العنان‭ ‬متحررة‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬والضوابط‭ ‬ومتناقضة،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواقع‭ ‬والمواضع،‭ ‬مع‭ ‬قيمنا‭ ‬وعاداتنا‭ ‬ومعتقداتنا،‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬حريات‭ ‬لها‭ ‬أذرع‭ ‬طويلة‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬حريات‭ ‬ورقاب‭ ‬الآخرين،‭ ‬ولها‭ ‬أنياب‭ ‬حادة‭ ‬تنهش‭ ‬في‭ ‬أجسامهم‭ ‬وكرامتهم‭ ‬وسمعتهم‭ ‬وأرزاقهم،‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬حريات‭ ‬كحريات‭ ‬الأنظمة‭ ‬الشيوعية‭ ‬أو‭ ‬الاشتراكية،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬المسؤولون‭ ‬فيها،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬يضعون‭ ‬في‭ ‬أيديهم‭ ‬الحق‭ ‬والحرية‭ ‬للاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬الآخرين‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬وانتزاعها‭ ‬وسرقتها‭ ‬لجيوبهم‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬توزيعها‭ ‬على‭ ‬المحتاجين‭ ‬تطبيقًا‭ ‬لشعارهم‭ ‬الرنان‭ ‬الذي‭ ‬ثبت‭ ‬فشله‭ ‬وإخفاقه‭ ‬والذي‭ ‬يقول‭: ‬“من‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬طاقته‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬حاجته”‭.‬

‭ ‬قلنا‭ ‬لهم‭ ‬إننا‭ ‬نحترم‭ ‬“حقوق‭ ‬الإنسان”‭ ‬كمبدأ‭ ‬وكقيمة‭ ‬إنسانية‭ ‬نبيلة‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬كشعار‭ ‬براق،‭ ‬ونحن‭ ‬نؤمن‭ ‬بهذا‭ ‬المبدأ‭ ‬ونقدسه‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬إنسانيتنا‭ ‬وقيمنا‭ ‬ومعتقداتنا،‭ ‬لكننا‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للمقايضة‭ ‬أو‭ ‬المتاجرة‭ ‬به،‭ ‬ولا‭ ‬نقبل‭ ‬أن‭ ‬يستغل‭ ‬لانتهاك‭ ‬واستباحة‭ ‬والتهام‭ ‬حقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬حق‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والعيش‭ ‬في‭ ‬أمان‭ ‬واطمئنان‭ ‬وسلام‭ ‬وفي‭ ‬ظروف‭ ‬تتيح‭ ‬لهم‭ ‬فرصة‭ ‬بناء‭ ‬مستقبلهم‭ ‬وكسب‭ ‬أرزاقهم‭ ‬بشرف‭ ‬وكرامة‭ ‬دون‭ ‬مهاترات‭ ‬أو‭ ‬مزايدات‭.‬

‭ ‬كنا‭ ‬نقول‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬حريات‭ ‬مفتوحة‭ ‬الأبواب‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬دون‭ ‬أطر‭ ‬ومعايير‭ ‬ومقاييس‭ ‬أخلاقية‭ ‬وقانونية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يساء‭ ‬استخدامها‭ ‬لمضرة‭ ‬وإيذاء‭ ‬الآخرين‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬تتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬مفسدة‭ ‬وإلى‭ ‬وسيلة‭ ‬لنشر‭ ‬العداوة‭ ‬والبغضاء‭ ‬والإجرام‭ ‬والرذيلة،‭ ‬فقيل‭ ‬لنا‭ ‬أننا‭ ‬رجعيون‭ ‬متخلفون‭ ‬لا‭ ‬نفقه‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬متطلبات‭ ‬وآليات‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭. ‬وقلنا‭ ‬الشيء‭ ‬ذاته‭ ‬عندما‭ ‬تفجرت‭ ‬“ثورة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي”‭ ‬عندما‭ ‬قيل‭ ‬لنا‭ ‬أنها‭ ‬ستصبح‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬منابر‭ ‬ومنصات‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬وسائل‭ ‬ممارسة‭ ‬الحريات،‭ ‬وهو‭ ‬قول‭ ‬صائب‭ ‬صحيح‭ ‬ولا‭ ‬تجانبه‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فهذه‭ ‬الوسائل‭ ‬لها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنافع‭ ‬والفوائد‭ ‬والإيجابيات‭ ‬والمزايا،‭ ‬إلا‭ ‬أنها،‭ ‬مثل‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الاكتشافات‭ ‬والاختراعات،‭ ‬لها‭ ‬أيضًا‭ ‬الجوانب‭ ‬السلبية‭ ‬والمضار‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬كبحها‭ ‬والتحكم‭ ‬فيها،‭ ‬لقد‭ ‬اتضح‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬وجيز‭ ‬أن‭ ‬الحريات‭ ‬المطلقة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬طبيعته‭ ‬وأسلوبه،‭ ‬ونشر‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬صحتها‭ ‬ودقتها‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لها‭ ‬سلبيات‭ ‬تفوق‭ ‬وتطغى‭ ‬بكثير‭ ‬على‭ ‬إيجابياتها،‭ ‬وتبين‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت،‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬وسائل‭ ‬للعداوة‭ ‬وللتباعد‭ ‬والانشقاق‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وليس‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سدنة‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬والمستفيدين‭ ‬منها‭ ‬أصروا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬منحها‭ ‬“الحرية‭ ‬الكاملة‭ ‬للتعبير‭ ‬والتداول”،‭ ‬وعدم‭ ‬إخضاعها‭ ‬للرقابة،‭ ‬وقالوا‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬لا‭ ‬تُقيد‭ ‬ولا‭ ‬تُجزأ،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬وضع‭ ‬العراقيل‭ ‬والعوائق‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬تدفق‭ ‬المعلومات‭ ‬وتبادلها،‭ ‬قالوا‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعارض‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬جاهل‭ ‬فاسد‭ ‬متعسف‭ ‬رجعي‭ ‬متخلف،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬أيدينا‭ ‬وجثمت‭ ‬على‭ ‬صدورنا‭ ‬تجربة‭ ‬“داعش”‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬ارتباط‭ ‬الإرهاب‭ ‬بوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الدواعش‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الذين‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬كأدوات‭ ‬لتنفيذ‭ ‬خططهم‭ ‬وبرامجهم‭ ‬واستراتيجياتهم،‭ ‬فأتقنوا‭ ‬وتفننوا‭ ‬وتفوقوا‭ ‬في‭ ‬أساليب‭ ‬استخدامها‭ ‬واستغلالها‭ ‬كسلاح‭ ‬لتهديد‭ ‬المجتمعات‭ ‬وكوسيلة‭ ‬لنشر‭ ‬رسائلهم‭ ‬وأفكارهم‭ ‬وللدعوة‭ ‬والدعاية‭ ‬لهم،‭ ‬وللتواصل‭ ‬بغرض‭ ‬تجنيد‭ ‬أعضاء‭ ‬جدد‭ ‬وضمهم‭ ‬إلى‭ ‬صفوفهم،‭ ‬عندها‭ ‬بدأت‭ ‬مضار‭ ‬وسلبيات‭ ‬إطلاق‭ ‬العنان‭ ‬لوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تستشري‭ ‬وتتكشف‭ ‬بشكل‭ ‬أوضح،‭ ‬وتأكد‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬وتقنياتها‭ ‬صارت‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الجريمة‭ ‬والإرهاب‭ ‬ومن‭ ‬أخطر‭ ‬أدواتها،‭ ‬وأصبحت‭ ‬وسيلة‭ ‬لنشر‭ ‬وتفشي‭ ‬فكر‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وقناة‭ ‬لبث‭ ‬خطابات‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬التفرقة‭ ‬والكراهية‭ ‬والعنف،‭ ‬ولديها‭ ‬قدرة‭ ‬فائقة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬وتحويلهم‭ ‬إلى‭ ‬متطرفين‭ ‬وإرهابيين‭ ‬وقتلة،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الغرب‭ ‬يتفرّج‭ ‬في‭ ‬صمت‭ ‬ويرى‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الاستعمال‭ ‬غير‭ ‬المسؤول‭ ‬لهذه‭ ‬الوسائل‭ ‬بدأ‭ ‬يفتت‭ ‬ويفتك‭ ‬بمجتمعاتنا،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬يدفع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.‬

ولقد‭ ‬تأكد‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬أن‭ ‬الجريمة‭ ‬والإرهاب‭ ‬أصبحت‭ ‬تعتمد‭ ‬اعتمادًا‭ ‬أساسيًّا‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فيسبوك‭ ‬وتويتر‭ ‬ويوتيوب،‭ ‬وأصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬ارتباطًا‭ ‬والتصاقًا‭ ‬بها،‭ ‬وأصبح‭ ‬لهذه‭ ‬الوسائل‭ ‬قابلية‭ ‬فعالة‭ ‬للتمدد‭ ‬والانتشار‭ ‬السريع‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬نائية‭ ‬ومجتمعات‭ ‬مستقرة‭ ‬ومسالمة‭ ‬آمنة‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬عندما‭ ‬اهتز‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬صدمة‭ ‬هجوم‭ ‬إرهابي‭ ‬دموي،‭ ‬نفّذه‭ ‬أسترالي‭ ‬عنصري‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف،‭ ‬خلّف‭ ‬مجزرة‭ ‬رهيبة‭ ‬ذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬50‭ ‬قتيلًا‭ ‬من‭ ‬المصلين‭ ‬المسلمين‭ ‬داخل‭ ‬مسجدين،‭ ‬وقد‭ ‬وثق‭ ‬الإرهابي‭ ‬جريمته‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة،‭ ‬وبثها‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صفحته‭ ‬على‭ ‬فيسبوك،‭ ‬مستخدما‭ ‬تقنية‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ (‬Game‭) ‬بشكل‭ ‬احترافي‭.‬

وقد‭ ‬طلبت‭ ‬أستراليا،‭ ‬التي‭ ‬يحمل‭ ‬منفذ‭ ‬الجريمة‭ ‬جنسيتها،‭ ‬رسميًّا‭ ‬من‭ ‬اليابان‭ ‬طرح‭ ‬موضوع‭ ‬تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬“قمة‭ ‬العشرين”‭ ‬التي‭ ‬ستعقد‭ ‬في‭ ‬أوساكا‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬المقبل‭.‬

‭ ‬وكانت‭ ‬لجنة‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‭ ‬البريطاني‭ ‬قد‭ ‬أصدرت،‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬تقريرًا‭ ‬أوصت‭ ‬فيه‭ ‬حكومة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بزيادة‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لحماية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الرقمي‭.‬

‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬كنا‭ ‬قد‭ ‬اكتوينا‭ ‬وأدركنا‭ ‬خطورة‭ ‬ودور‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬جرائم‭ ‬السب‭ ‬والقذف‭ ‬وأعمال‭ ‬الابتزاز‭ ‬وبث‭ ‬الشائعات‭ ‬وتضليل‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬وصولًا‭ ‬لتدمير‭ ‬السلام‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فقررت‭ ‬قمة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الثالثة‭ ‬والثلاثين‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2012‭ ‬تكثيف‭ ‬التعاون‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬بين‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬وتشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬وشبكات‭ ‬المعلومات‭ ‬والمواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬للوزارات‭.‬

فتحية‭ ‬للرجعيين‭ ‬والمتخلفين‭.‬