رؤيا مغايرة

“التصريح المرن”... فخ آخر!

| فاتن حمزة

كنت‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬التصريح‭ ‬المرن‭ ‬فخ‭ ‬للعمالة‭ ‬السائبة‭ ‬والمخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬للقبض‭ ‬عليها‭ ‬وترحيلها،‭ ‬وإذا‭ ‬هو‭ ‬عكس‭ ‬ذلك‭ ‬تماما‭! ‬هل‭ ‬من‭ ‬شرّع‭ ‬القانون‭ ‬يرضاها‭ ‬لنفسه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬وقوع‭ ‬الضرر‭ ‬عليه‭ ‬كشأن‭ ‬الآخرين؟‭ ‬ألم‭ ‬تجد‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬وسائل‭ ‬أخرى‭ ‬لزيادة‭ ‬مواردها‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المواطن،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬قوانينها‭ ‬كما‭ ‬كررنا‭ ‬مراراً‭ ‬كالذي‭ ‬يحرق‭ ‬ديناراً‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬درهم؟‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬مغيبون‭ ‬عما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬ألا‭ ‬يوجد‭ ‬فيهم‭ ‬رجل‭ ‬رشيد؟‭ ‬أليس‭ ‬بإمكان‭ ‬هؤلاء‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والتي‭ ‬تضج‭ ‬بصور‭ ‬وأفلام‭ ‬المحلات‭ ‬المغلقة‭ ‬والمعروضة‭ ‬للإيجار،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الشكاوى‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها؟‭!‬

ما‭ ‬رأي‭ ‬من‭ ‬شرع‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬جلب‭ ‬عمالا‭ ‬ودربهم‭ ‬وأطلعهم‭ ‬على‭ ‬أسرار‭ ‬المهنة،‭ ‬ولما‭ ‬اشتد‭ ‬عودهم‭ ‬استثمروا‭ ‬سذاجة‭ ‬القانون‭ ‬المرن‭ ‬وفتحوا‭ ‬محلا‭ ‬آخر‭ ‬بجوار‭ ‬محله‭ ‬واستحوذوا‭ ‬على‭ ‬زبائنه‭ ‬حتى‭ ‬اضطر‭ ‬هو‭ ‬إلى‭ ‬غلق‭ ‬محله؟

لا‭ ‬ينبغي‭ ‬“الدندنة”‭ ‬على‭ ‬نقاط‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬معين‭ ‬والتغافل‭ ‬عن‭ ‬عشرات‭ ‬السلبيات‭ ‬فيه،‭ ‬ألا‭ ‬يعلم‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬تحت‭ ‬الرماد‭ ‬وميض‭ ‬جمر‭ ‬سيكون‭ ‬حتماً‭ ‬له‭ ‬ضرام؟

كنت‭ ‬أستغرب‭ ‬من‭ ‬حصول‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬على‭ ‬المراكز‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬الاستثمارية‭ ‬للأجانب‭ ‬ورفاهية‭ ‬المغتربين،‭ ‬ثم‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬السبب،‭ ‬وعلمت‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬ليس‭ ‬رقماً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الإحصائيات،‭ ‬ولا‭ ‬اعتبار‭ ‬له،‭ ‬ولن‭ ‬أستغرب‭ ‬لو‭ ‬حصلنا‭ ‬يوماً‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الأجنبي‭ ‬على‭ ‬المواطن،‭ ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬منافسة‭!‬

بسبب‭ ‬هذه‭ ‬القوانين،‭ ‬عرفت‭ ‬سر‭ ‬تكبر‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬المواطن،‭ ‬وتذكرت‭ ‬قصة‭ ‬أن‭ ‬جدياً‭ ‬وقف‭ ‬على‭ ‬مكان‭ ‬فمر‭ ‬به‭ ‬ذئب‭ ‬فشتمه،‭ ‬فقال‭ ‬له‭: ‬لم‭ ‬تشتمن؛‭ ‬إنما‭ ‬شتمني‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬أنت‭ ‬فيه‭.‬

من‭ ‬أجل‭ ‬بضع‭ ‬دراهم‭ ‬أضاعت‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬البلد،‭ ‬حيث‭ ‬تترتب‭ ‬عليها‭ ‬مساوئ‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها،‭ ‬سواء‭ ‬أخلاقية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وسائر‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوجود‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نحتاج‭ ‬إليها،‭ ‬أين‭ ‬الفائدة‭ ‬المرجوة‭ ‬من‭ ‬جني‭ ‬بضع‭ ‬دنانير‭ ‬من‭ ‬عامل‭ ‬بحجة‭ ‬التصريح‭ ‬المرن،‭ ‬بينما‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬تبلغ‭ ‬التحويلات‭ ‬المالية‭ ‬للخارج‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هؤلاء‭ ‬ملايين‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مليارات؟‭ ‬هل‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬النواب‭ ‬والشوريين‭ ‬والتجار‭ ‬والمثقفين‭ ‬والمواطنين‭ ‬جهال‭ ‬عندما‭ ‬طالبوا‭ ‬بإلغائه‭ ‬لأضراره،‭ ‬بينما‭ ‬شرذمة‭ ‬قليلة‭ ‬لها‭ ‬حساباتها‭ ‬تراه‭ ‬صالحاً؟‭.‬